تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{۞أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَٰرِهِمۡ وَهُمۡ أُلُوفٌ حَذَرَ ٱلۡمَوۡتِ فَقَالَ لَهُمُ ٱللَّهُ مُوتُواْ ثُمَّ أَحۡيَٰهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَشۡكُرُونَ} (243)

{ ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم } من بني إسرائيل { ألوف } ثمانية آلاف ، { حذر الموت } ، يعني حذر القتل ، وذلك أن نبيهم حزقيل بن دوم ، وهو ذو الكفل بن دوم ، ندبهم إلى قتال عدوهم ، فأبوا عليه جبنا عن عدوهم واعتلوا ، فقالوا : إن الأرض التي نبعث إليها لنقاتل عدونا ، هي أرض يكون فيها الطاعون ، فأرسل الله عز وجل عليهم الموت ، فلما رأوا أن الموت كثر فيهم ، خرجوا من ديارهم فرارا من الموت ، فلما رأى ذلك حزقيل ، قال : اللهم رب يعقوب وإله موسى ، قد ترى معصية عبادك ، فأرهم آية في أنفسهم حتى يعلموا أنهم لن يستطيعوا فرارا منك ، فأمهلهم الله عز وجل حتى خرجوا من ديارهم ، وهي قرية تسمى دامردان .

فلما خرجوا قال الله عز وجل لهم : { فقال لهم الله موتوا } عبرة لهم ، فماتوا جميعا وماتت دوابهم كموت رجل واحد ثمانية أيام ، فخرج إليهم الناس ، فعجزوا عن دفنهم حتى حظروا عليهم وأروحت أجسادهم ، { ثم } إن الله عز وجل { أحياهم } بعد ثمانية أيام وبهن نتن شديد ، ثم إن حزقيل بكى إلى ربه عز وجل ، فقال : اللهم رب إبراهيم وإله موسى ، لا تكن على عبادك الظلمة كأنفسهم ، واذكر فيهم ميثاق الأولين ، فسمع الله عز وجل ، فأمره أن يدعوهم بكلمة واحدة ، فقاموا كقيام رجل واحد كان وسنانا فاستيقظ ، فذلك قوله عز وجل : { إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون } رب هذه النعمة حين أحياهم بعدما أراهم عقوبته ، ثم أمرهم عز وجل أن يرجعوا إلى عدوهم فيجاهدوا ، فذلك قوله : { موتوا ثم أحياهم إن الله لذو فضل على الناس } أنه أحياهم بعدما أماتهم ، { ولكن أكثر الناس لا يشكرون } .