{ ألم تر } استفهام قد يراد به التقرير والتعجيب ، والرؤية ربما تكون بصرية بمعنى الإدراك والعلم والخطاب لكل ما يصلح له { إلى الذين خرجوا من ديارهم } نقل عن سيبويه المعنى : تنبه إلى أمر الذين خرجوا ، قوم تركوا ديارهم فارين من الوباء {[748]} أو الجهاد {[749]} فأماتهم الله تعالى ثم أحياهم ليعتبروا ويعلموا أنه لا مفر من حكم الله وقضائه { وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم } عن محمد بن إسحق قال : بلغني أنه كان من حديثهم أنهم خرجوا فرارا من بعض الأوباء من الطاعون أو من سقم كان يصيب الناس -حذرا من الموت وهم ألوف حتى نزلوا بصعيد من البلاد قال لهم الله موتوا فماتوا جميعا فعمد أهل تلك البلاد فحظروا عليهم حظيرة دون السباع ثم تركوهم فيها وذلك أن كثروا على أن يغيبوا [ أي يدفنوا ] فمرت بهم الأزمان والدهور حتى صاروا عظاما نخرة فمر بهم حزقيل ابن بوزى فوقف عليهم فتعجب لأمرهم ودخله رحمة لهم . . حتى غشي عليه . . ثم أفاق والقوم جلوس يقولون سبحان الله سبحان الله قد أحياهم الله . وعن قتادة : مقتهم الله على فرارهم من الموت فأماتهم الله عقوبة ثم بعثهم إلى بقية آجالهم ليستوفوها ولو كانت آجال القوم جاءت ما بعثوا بعد موتهم . ومما يقول : ابن جرير وأولى الأقوال في مبلغ عدد القوم الذي وصف الله خروجهم من ديارهم بالصواب : قول من حددهم بالزيادة عن عشرة آلاف دون من حده بأربعة آلاف . . وثمانية آلاف وذلك أن الله تعالى ذكره أخبر عنهم أنهم كانوا ألوفا وما دون العشرة آلاف لا يقال لهم ألوفا وإنما يقال هم آلاف إذا كانوا ثلاثة آلاف فصاعدا إلى العشرة آلاف وغير جائز أن يقال هم خمسة ألوف أو عشرة ألوف . . 1ه .
{ إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون } تذكير بحق الجواد الكريم الوهاب سبحانه وتوكيد لأنه صاحب المن والعطاء والإفضال { . . وإن تعدو نعمة الله لا تحصوها . . }{[750]} فهو الذي أصبغ ما ظهر منها وما بطن ، خلق فسوى وقدر فهدى وأغنى وأقنى وغير ذلك من نعمه التي ينعمها عليهم في دينياهم ودينهم وأنفسهم وأموالهم كما أحيا الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت بعد إماتته إياهم وجعلهم لخلقه مثلا وعظة يتعظون بهم وعبرة يعتبرون بهم وليعلموا أن الأمور كلها بيده فيستسلمون لقضائه ويصرفون الرغبة كلها والرهبة إليه-{[751]} . { ولكن أكثر الناس لا يشكرون } ومع أن شكر المنعم واجب فقليل من الناس من يقر بالفضل ويثني على المتفضل الوهاب كما بين المولى في محكم آيات الكتاب { . . . . وقليل من عبادي الشكور }{[752]} ، بل يزداد البعض جحودا كلما بسط لهم في الرزق وصدق الله العظيم { . . إن الإنسان ليطغى . أن رآه استغنى }{[753]} ؛ أكثر من ينعم عليهم من عباده بنعمه الجليلة ويمن عليه بمننه الجسيمة يكفر به ويصرف الرغبة والرهبة إلى غيره ويتخذ إلها من دونه كفرانا منه لنعمه التي توجب أصغرها عليه من الشكر ما يفدحه ومن الحمد ما يثقله ؛ لا يشكرون نعمتي التي أنعمتها عليهم وفضلي الذي تفضلت به عليهم بعبادتهم غيري وصرفهم رغبتهم ورهبتهم على من دوني ممن لا يملك لهم ضرا ولا نفعا ولا يملك موتا ولا حياة ولا نشورا-{[754]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.