التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{۞أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَٰرِهِمۡ وَهُمۡ أُلُوفٌ حَذَرَ ٱلۡمَوۡتِ فَقَالَ لَهُمُ ٱللَّهُ مُوتُواْ ثُمَّ أَحۡيَٰهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَشۡكُرُونَ} (243)

قوله تعالى : ( ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون وقاتلوا في سبيل الله واعلموا أن الله سميع عليم من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون ) . قيل نزلت هذه الآية في قوم بني إسرائيل استوخموا قريتهم لما أصابهم فيها من الوباء ، وقيل الطاعون ، فخرجوا منها فرارا من الموت هاربين إلى البريّة . لكنهم كتب الله عليهم أن يموتوا بعد خروجهم ؛ ليعلموا أن وعد الله بالموت حق ، وأن الحذر لا يغني من القدر ، وأن الآجال والأعمار محدودة فهي لا تنقص ولا تزيد . ولا نستطيع الوقوف في يقين على عدد هؤلاء الهاربين من الموت فقد قيل : إنهم كانوا أربعة آلاف ، وقيل : كانوا ثمانية ، وقيل : إن عددهم جاوز العشرة آلاف ، وذلك من قوله : ( وهم ألوف ) والواو تفيد الحال والجملة الإسمية بعدها في محل نصب حال . و ( حذر ) مفعول لأجله منصوب ، ( الموت ) مضاف إليه .

وفي كل ما يبينه الله للناس من الأدلة الواضحة والبراهين المكشوفة ، وما أنزله في الكتاب من الدلائل والأمثال والمواقف والبينات ، فإنه يجلّي فضل الله على العباد . وكان عليهم أن يذكروا ذلك وأن يشكروا لله ما تفضل به وأنعم ( ولكن أكثر الناس لا يشكرون ) .