الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{۞أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَٰرِهِمۡ وَهُمۡ أُلُوفٌ حَذَرَ ٱلۡمَوۡتِ فَقَالَ لَهُمُ ٱللَّهُ مُوتُواْ ثُمَّ أَحۡيَٰهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَشۡكُرُونَ} (243)

قوله : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الذِينَ خَرَجُوا مِن دِيارِهِمْ وَهُم ألُوفٌ حَذَرَ المَوْتِ ) [ 241 ] .

قال ابن عباس : " كانوا أربعة آلاف( {[7907]} ) خرجوا فراراً من الطاعون " ( {[7908]} ) .

وقيل : فراراً من الحمى ، حتى إذا كانوا بموضع شاء الله فيه موتهم أماتهم ، فمر بهم نبي فدعا ربه أن يحييهم فأحياهم( {[7909]} ) .

وروي أن نبياً من أنبياء الله أمر قومه( {[7910]} ) أن يخرجوا إلى عدوهم فجبنوا وكرهوا الخروج ، وقالوا : إن الأرض التي تخرجنا إليها فيها الطاعون ، وكانوا سبعين ألفاً ، ففروا من الطاعون أن يأتيهم في بلادهم ، فلما توسطوا البلاد أماتهم الله ، فسمي ذلك الموضع واسطاً ، وهي( {[7911]} ) واسط العراق ، فخرج نبيهم في طلبهم فوجدهم بعد ثمانية أيام موتى قد أنتنوا فتضرع إلى الله وبكى ، وقال : يا رب ، كنت في قوم يحمدونك ويذكرونك فبقيت( {[7912]} ) وحيداً . فأوحى الله إليه أني قد( {[7913]} ) جعلت/حياتهم إليك . فقال :

/أحيوا بإذن الله ، فحيوا ، فتلك الرائحة فيهم( {[7914]} ) .

وقيل : إن اسم ذلك النبي حزقيل( {[7915]} ) .

وقال وهب بن( {[7916]} ) منبه : " أصاب ناساً من بني إسرائيل بلاء وشدة فشكوا( {[7917]} ) ما أصابهم إلى نبيهم وتمنوا( {[7918]} ) الموت لما هم فيه . فأوحى الله إليه : أي راحة( {[7919]} ) لهم في الموت ، أيظنون أنني لا أقدر أبعثهم بعد الموت ، فانطلق إلى جبانة( {[7920]} ) كذا ، فإن فيها أربعة آلاف( {[7921]} ) وهم الذين خرجوا من ديارهم حذر الموت ، فقم فيهم [ وناجهم . /وكانت ]( {[7922]} ) عظامهم قد تمزقت وتفرقت ، فنادى( {[7923]} ) النبي على نبينا وعليه السلام : يا أيتها العظام( {[7924]} ) ، إن الله يأمرك أن تجتمعي( {[7925]} ) ، فاجتمع عظام كل إنسان منهم ، ثم نادى : أيتها العظام ، إن الله يأمرك أن تكتسي اللحم ، فاكتست اللحم ، وبعد اللحم الجلد . ثم نادى : يا أيتها الأرواح ، إن الله يأمرك أن تعودي في أجسادك ، فقاموا فكبروا تكبيرة( {[7926]} ) واحدة " ( {[7927]} ) .

وقال الضحاك : ( {[7928]} ) " هم ألوف كثيرة أمروا أن يقاتلوا في سبيل الله ففروا من الجهاد ، فأماتهم الله ثم أحياهم ، وأمرهم أن يعاودوا( {[7929]} ) الجهاد ، ودل على ذلك قوله : ( وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) [ 242 ]( {[7930]} ) .

وقيل : كانوا أربعة آلاف( {[7931]} ) من بني إسرائيل عصوا الله ، وصرفوا( {[7932]} ) عن الجهاد ، وقالوا : البلاد التي نقصدها( {[7933]} ) بلاد طاعون . فأماتهم الله عقاباً( {[7934]} ) لهم ، ثم أحياهم بدعاء نبيهم وتضرعه إليه( {[7935]} ) .

وقال السدي : " كانت قرية عند واسط وقع بها الطاعون فهرب عامة أهلها فنزلوا ناحية ، وهلك أكثر من بقي في القرية ، فلما ارتفع الطاعون/رجع الهاربون إلى القرية . فقال الذين بقوا من أهل القرية : لو صنعنا مثل ما صنع أصحابنا بقينا ولئن وقع الطاعون مرة أخرى لنخرجن( {[7936]} ) معهم ، فوقع من قابل ، فهربوا وهم بضعة وثلاثون ألفاً ثم نزلوا بواد أفيح( {[7937]} ) فناداهم( {[7938]} ) ملَك من أسفله ، وآخر من أعلاه أن موتوا ، فماتوا . فمر بهم نبي ، فوقف( {[7939]} ) عليهم ، وجعل يفكر في أمرهم( {[7940]} ) ، فأوحى الله تعالى إليه : أتريد أن أريك كيف أحييهم ؟ قال : نعم ، وقيل( {[7941]} ) له : فنادِ فيهم . فنادى : يا أيتها العظام : إن الله يأمركِ أن تجتمعي( {[7942]} ) فجعلت العظام يطير( {[7943]} ) بعضها إلى بعض ، فاجتمعت ، ثم/ناداها فاكتست اللحم ثم ناداها فقامت( {[7944]} ) " .

وقد قيل : إن معنى ألوف مؤتلفون( {[7945]} ) .


[7907]:- في ع3: ألف. وهو خطأ.
[7908]:- انظر: تفسير القرطبي 3/230، وتفسير ابن كثير 1/298، والدر المنثور 1/741.
[7909]:- انظر: تفسير القرطبي 3/231.
[7910]:- في ع2: قوماً.
[7911]:- في ع3: هو.
[7912]:- في ع3: فبقت، وهو خطأ.
[7913]:- سقط من ق.
[7914]:- انظر: المحرر الوجيز 2/246.
[7915]:- انظر: تفسير القرطبي 3/230، وتفسير ابن كثير 1/298، وفي ق: حذقيل.
[7916]:- في ق، ع3: ابن وهو خطأ.
[7917]:- في ع3: وفشكوا.
[7918]:- في ع3: فتمنوا.
[7919]:- في ع1: رائحة.
[7920]:- في ق: حياته. وهو تصحيف. والجبابة والجبان: الصحراء. وتسمى بهما المقابر لأنها تكون في الصحراء، تسمية للشيء بموضعه. انظر: اللسان 1/398.
[7921]:- في ع3: ألف وهو خطأ.
[7922]:- في ع2، ع3: ناديهم فكانت، "وناديهم" خطأ.
[7923]:- في ع3: فناد. وهو خطأ.
[7924]:- في ع3: العظم.
[7925]:- في ع1، ق، تجتمع.
[7926]:- في ح: تكبيرة، وفي ع3: تكبرة.
[7927]:- انظر: جامع البيان 5/267-268، والدر المنثور 1/743.
[7928]:- سقط من ع3.
[7929]:- في ع2: يعودوا. وفي ع3: يعادوا.
[7930]:- انظر: المحرر الوجيز 2/245-246، وتفسير القرطبي 3/230.
[7931]:- في ع3: ألف. وهو خطأ.
[7932]:- في ق: صدوا.
[7933]:- في ق: يقصدها. وهو تحريف.
[7934]:- في ع1، ق: عقاب. وهو خطأ.
[7935]:- انظر: جامع البيان 5/267.
[7936]:- في ع2: لتخرجن وهو تصحيف.
[7937]:- في ق: أفتح. والأفيح الواسع المنتشر النواحي، يقال: روضة فيحاء، أي واسعة.
[7938]:- في ع2، ع3: فنادى.
[7939]:- في ع1، ع2، ق، ع3: فوقع.
[7940]:- في ق: أمورهم.
[7941]:- سقط حرف الواو من ح.
[7942]:- في ق: تجمعي.
[7943]:- في ع2، ع3: تطير.
[7944]:- انظر: جامع البيان 5/270، والدر المنثور 1/741.
[7945]:- انظر: جامع البيان 5/273، والمحرر الوجيز 2/247، وتفسير القرطبي 3/231. [قال ابن عطية بع أن أورد بعض هذا القصص: وهذا القصص كلّه بيّن الأسانيد...الخ] المدقق.