{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِمْ } ، يقول : ألم تخبر : وهذا على سبيل التعجب ، كما يقال : ألا ترى إلى ما صنع فلان ؟ ! ويقال : { ألم تر } يعني ألم تعلم ؟ ويقال : ألم ينته إليك خبرهم ؟ يعني الآن نخبرك عنهم . قال ابن عباس : وذلك أن ملكاً من ملوك بني إسرائيل أمر الناس بالخروج إلى الغزو فخرجوا ، فبلغهم أن في ذلك الموضع طاعوناً ، فامتنعوا عن الخروج إلى هناك ، ونزلوا في موضعهم ، فهلكوا كلهم ؛ فبلغ خبرهم إلى بني إسرائيل ، فخرجوا ليدفنوهم ، فعجزوا عن ذلك لكثرتهم ، فحظروا عليهم الحظائر . ثم أحياهم الله بعد ثمانية أيام ، وبقيت منهم بقايا من البحر ومعهم النتن إلى اليوم وقال بعضهم : بلغهم أن هناك للعدو شوكة وقسوة ، فامتنعوا عن الخروج إليهم فأهلكهم الله تعالى .
وقال بعضهم : إن أرضاً وقع بها الوباء فخرج الناس منها هاربين ، فنزلوا منزلاً فماتوا كلهم ؛ فمر بهم نبي يقال له حزقيل عليه السلام فقال : الحمد لله القادر الذي يحيي هذه النفوس البالية ليعبدوه . فدعا لهم فأحياهم الله تعالى ؛ فذلك قوله تعالى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين خَرَجُواْ مِن ديارهم وَهُمْ أُلُوفٌ } . قال ابن عباس في رواية الكلبي وفي رواية الضحاك : ثمانية آلاف ، ويقال : سبعون ألفاً ، ويقال : ثمانية عشر ألفاً . وقال بعضهم : { هم ألوف } كما قال الله تعالى ، ولا يعرف كم عددهم إلا الله . { حَذَرَ الموت } ، أي خرجوا من ديارهم مخافة الموت .
{ فَقَالَ لَهُمُ الله مُوتُواْ } ، أي أماتهم الله ؛ { ثُمَّ أحياهم إِنَّ الله لَذُو فَضْلٍ عَلَى الناس } ، يعني على أولئك الكفار حين أحياهم . يقال : هو ذو منَ على جميع الناس . { ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يَشْكُرُونَ } رب هذه النعمة ، يعني الكفار . ويقال : على الذي أحياهم .
وفي هذه الآية : دلالة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم حيث أخبر عمن قبله ولم يكن قرأ الكتب ، فظهر ذلك عند اليهود والنصارى وعرفوا أنه حق . وفي هذه الآية إبطال قول من يقول : إن الإحياء بعد الموت لا يجوز ، وينكر عذاب القبر ؛ لأن الله تعالى يخبر أنه قد أماتهم ثم أحياهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.