تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُبۡطِلُواْ صَدَقَٰتِكُم بِٱلۡمَنِّ وَٱلۡأَذَىٰ كَٱلَّذِي يُنفِقُ مَالَهُۥ رِئَآءَ ٱلنَّاسِ وَلَا يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۖ فَمَثَلُهُۥ كَمَثَلِ صَفۡوَانٍ عَلَيۡهِ تُرَابٞ فَأَصَابَهُۥ وَابِلٞ فَتَرَكَهُۥ صَلۡدٗاۖ لَّا يَقۡدِرُونَ عَلَىٰ شَيۡءٖ مِّمَّا كَسَبُواْۗ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (264)

{ يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى } يقول : يمن بها فإن ذلك أذى لصاحبها وكل صدقة يمن بها صاحبها على المعطى ، فإن المن يبطلها ، فضرب الله عز وجل مَثَلاً لذلك : { كالذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله } يقول : ولا يصدق بأنه واحد لا شريك له .

{ واليوم الآخر } يقول : ولا يصدق بالبعث الذي فيه جزاء الأعمال أنه كائن ، فمثله ، يعني مثل الذي يمن بصدقته ، كمثل مشرك أنفق ماله في غير إيمان ، فأبطل شركه

الصدقة كما أبطل المن والأذى صدقة المؤمن ، ثم أخبر عمن من بها على صاحبه ، فلم يُعْطَ عَليها أجرًا ولا ثوابا ، ثم ضرب الله عز وجل لهما مثلا فقال : في مثله : { فمثله كمثل صفوان } ، يعني الصفا { عليه تراب فأصابه وابل } ، يعني المطر الشديد ، { فتركه صلدا } ، يقول : ترك المطر الصفا صلدا نقيا أجردَ ، ليس عليه تراب ، فكذلك المشرك الذي ينفق في غير إيمان ، وينفق رئاء الناس ، وكذلك صدقة المؤمن إذا منّ بها .

وذلك قوله سبحانه : { لا يَقْدِرون على شيء مما كسبوا } ، يقول : لا يقدرون على ثواب شيء مما أنفقوا يوم القيامة وذلك قوله عز وجل : { مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على } ثواب { شيء } ( إبراهيم : 18 ) يوم القيامة ، كما لم يبق على الصفا شيء من التراب حين أصابه المطر الشديد ، { والله لا يهدي القوم الكافرين } .