مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُبۡطِلُواْ صَدَقَٰتِكُم بِٱلۡمَنِّ وَٱلۡأَذَىٰ كَٱلَّذِي يُنفِقُ مَالَهُۥ رِئَآءَ ٱلنَّاسِ وَلَا يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۖ فَمَثَلُهُۥ كَمَثَلِ صَفۡوَانٍ عَلَيۡهِ تُرَابٞ فَأَصَابَهُۥ وَابِلٞ فَتَرَكَهُۥ صَلۡدٗاۖ لَّا يَقۡدِرُونَ عَلَىٰ شَيۡءٖ مِّمَّا كَسَبُواْۗ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (264)

ثم أكد ذلك بقوله { يأَيُّهَا الذين ءامَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صدقاتكم بالمن والأذى كالذى } الكاف نصب صفة مصدر محذوف والتقدير إبطالاً مثل إبطال الذي { يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء الناس وَلاَ يُؤْمِنُ بالله واليوم الأخر } أي لا تبطلوا ثواب صدقاتكم بالمن والأذى كإبطال المنافق الذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يريد بإنفاقه رضا الله ولا ثواب الآخرة ، ورئاء مفعول له { فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ } مثّله ونفقته التي لا ينتفع بها البتة بحجر أملس عليه تراب { فَأَصَابَهُ وَابِلٌ } مطر عظيم القطر { فَتَرَكَهُ صَلْدًا } أجرد نقياً من التراب الذي كان عليه { لاَّ يَقْدِرُونَ على شَىْء مّمَّا كَسَبُواْ } لا يجدون ثواب شيء مما أنفقوا ، أو الكاف في محل النصب على الحال أي لا تطلبوا صدقاتكم مماثلين الذي ينفق . وإنما قال «لا يقدرون » بعد قوله «كالذي ينفق » لأنه أراد بالذي ينفق الجنس أو الفريق الذي ينفق { والله لاَ يَهْدِي القوم الكافرين } ما داموا مختارين الكفر .