تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا كَسَبۡتُمۡ وَمِمَّآ أَخۡرَجۡنَا لَكُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِۖ وَلَا تَيَمَّمُواْ ٱلۡخَبِيثَ مِنۡهُ تُنفِقُونَ وَلَسۡتُم بِـَٔاخِذِيهِ إِلَّآ أَن تُغۡمِضُواْ فِيهِۚ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} (267)

{ يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم } ، يقول : أنفقوا من الحلال مما رزقناكم من الأموال الفضة والذهب وغيره ، { ومما أخرجنا لكم من الأرض } ، وأنفقوا من طيبات الثمار والنبات ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الناس بالصدقة قبل أن تنزل آيةُ الصدقات ، فجاء رجل بعِذْقٍ من تمر عامته حَشَفٌ ، فوضعه في المسجد مع التمر ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "من جاء بهذا ؟" ، فقالوا : لا ندري ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يُعَلَّقَ العِذقُ ، فمن نظر إليه قال : بئس ما صنع صاحب هذا ، فقال الله عز وجل : { ولا تيمّموا الخبيثَ } ، يقول : ولا تعمدوا إلى الحشف من التمر الرديء من طعامكم للصدقات ، { منه تنفقون ولستم بآخذيه } ، يعني الردىء بسعر الطيب لأنفسكم ، يقول : لو كان لبعضكم على بعض حق لم يأخذ دون حقه ، ثم استثنى ، فقال : { إلا أن تُغمِضوا فيه } يقول : إلا أن يهَضمَ بعضكُم على بعض حقَّه ، فيأخذ دون حقه ، وهو يعلم أنه رديء ، فيأخذه على علم ، { واعلموا أن الله غني } عما عندكم من الأموال ، { حميد } عند خلقه في ملكه وسلطانه .