تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{قِيلَ لَهَا ٱدۡخُلِي ٱلصَّرۡحَۖ فَلَمَّا رَأَتۡهُ حَسِبَتۡهُ لُجَّةٗ وَكَشَفَتۡ عَن سَاقَيۡهَاۚ قَالَ إِنَّهُۥ صَرۡحٞ مُّمَرَّدٞ مِّن قَوَارِيرَۗ قَالَتۡ رَبِّ إِنِّي ظَلَمۡتُ نَفۡسِي وَأَسۡلَمۡتُ مَعَ سُلَيۡمَٰنَ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (44)

{ قيل لها ادخلي الصرح } وهو قصر من قوارير على الماء تحته السمك ، { فلما رأته حسبته لجة } يعنى غدير الماء { وكشفت عن ساقيها } يعنى رجليها لتخوض الماء إلى سليمان ، وهو على السرير في مقدم البيت ، وذلك أنها لما أقبلت قالت الجن : لقد لقينا من سليمان ما لقينا من التعب ، فلو قد اجتمع سليمان وهذه المرأة وما عندها من العلم لهلكنا ، وكانت أمها جنية ، فقالوا : تعالوا نبغضها إلى سليمان ، نقول : إن قوارير فوق الماء ، وأرسل فيه السمك لتحسب أنه الماء ، فتكشف عن رجليها فينظر سليمان أصدقته الجن أم كذبته ، وجعل سريره في مقدم البيت ، فلما رأت الصرح حسبته لجة الماء وكشفت عن ساقيها ، فنظر إليها سليمان ، فإذا هي من أحسن الناس قدمين ورأى على ساقها شعرا كثيرا فكره سليمان ذلك ، فقالت : إن الرمانة لا تدري ما هي حتى تذوقها ، قال سليمان : ما لا يحلو في العين لا يحلو في الفم ، فلما رأت الجن أن سليمان رأى ساقيها ، قالت الجن : لا تكشفي عن ساقيك ، { قال إنه صرح ممرد } يعنى أملس { من قوارير } فلما رأت السرير والصرح علمت أن ملكها ليس بشيء عند ملك سليمان ، وأن ملكه من ملك الله عز وجل .

ف { قالت } حين دخلت الصرح { رب إني ظلمت نفسي } يعنى بعبادتها الشمس { وأسلمت } يعنى أخلصت { مع سليمان } بالتوحيد { لله رب العالمين } آية ، خرت لله عز وجل ساجدة ، وتابت إلى الله عز وجل من شركها .

واتخذها سليمان عليه السلام لنفسه ، فولدت له داود بن سليمان بن داود ، عليهم السلام ، وأمر لها بقرية من الشام يجئ لها خراجها ، وكانت عذرا فاتخذت الحمامات من أجلها . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : "كانت من أحسن نساء العالمين ساقين ، وهي من أزواج سليمان في الجنة ؟ فقالت عائشة ، رضي الله عنها ، للنبي صلى الله عليه وسلم : هي أحسن ساقين مني ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : "أنت أحسن ساقين في الجنة" .

وكان سليمان عليه السلام يسير بها معه إذا سار .