تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ ٱللَّهِ كَمَثَلِ ءَادَمَۖ خَلَقَهُۥ مِن تُرَابٖ ثُمَّ قَالَ لَهُۥ كُن فَيَكُونُ} (59)

{ إن مثل عيسى عند الله } ، وذلك أن وفد نصارى نجران قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة ، منهم السيد ، والعاقب ، والأسقف ، والرأس ، والحارث ، وقيس ، وابنيه ، وخالد ، وخليد ، وعمرو ، فقال السيد والعاقب ، وهما سيدا أهل نجران : يا محمد ، لم تشتم صاحبنا وتعيبه ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "ما صاحبكم ؟" ، قالوا : عيسى ابن مريم العذراء البتول ، قال أبو محمد بن ثابت ، قال : العذراء البتول ، المنقطعة إلى الله عز وجل ، لقوله عز وجل : { وتبتل إليه تبتيلا } ( المزمل : 8 ) .

قالوا : فأرنا فيما خلق الله عبدا مثله يحيي الموتى ، ويبرئ الأكمه والأبرص ، ويخلق من الطين طيرا ، ولم يقولوا : بإذن الله ، وكل آدمي له أب ، وعيسى لا أب له ، فتابعنا في أن عيسى ابن الله ونتابعك ، فإما أن تجعل عيسى ولدا وإما إلها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "معاذ الله أن يكون له ولد ، أو يكون معه إله" ، فقالا للنبي صلى الله عليه وسلم : أنت أحمد ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "أنا أحمد ، وأنا محمد" ، فقالا : فيم أحمد ؟ قال : "أحمد الناس عن الشرك" قالا : فإنا نسألك عن أشياء ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : "لا أخبركم حتى تسلموا فتتبعوني" ، قالا : أسلمنا قبلك ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : "إنكما لم تسلما ، حجزكما عن الإسلام ثلاثة : أكلكما الخنزير ، وشربكما الخمر ، وقولكما : إن لله عز وجل ولدا" .

فغضبا عند ذلك ، فقالا : من أبو عيسى ؟ ائتنا له بمثل ، فأنزل الله عز وجل : { إن مثل عيسى عند الله } { كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون } .