فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ ٱللَّهِ كَمَثَلِ ءَادَمَۖ خَلَقَهُۥ مِن تُرَابٖ ثُمَّ قَالَ لَهُۥ كُن فَيَكُونُ} (59)

تشبيه عيسى بآدم في كونه مخلوقاً من غير أب كآدم ، ولا يقدح في التشبيه اشتمال المشبه به على زيادة ، وهو كونه لا أمّ له : كما أنه لا أب له ، فذلك أمر خارج عن الأمر المراد بالتشبيه ، وإن كان المشبه به أشد غرابة من المشبه ، وأعظم عجباً ، وأغرب أسلوباً . وقوله : { خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ } جملة مفسرة لما أبهم في المثل ، أي : أن آدم لم يكن له أب ، ولا أم ، بل خلقه الله من تراب . وفي ذلك دفع لإنكار من أنكر خلق عيسى من غير أب مع اعترافه بأنّ آدم خلق من غير أب ، وأمّ . قوله : { ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ } أي : كن بشراً ، فكان بشراً . وقوله : { فَيَكُونُ } حكاية حال ماضية ، وقد تقدّم تفسير هذا .

/خ62