فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ ٱللَّهِ كَمَثَلِ ءَادَمَۖ خَلَقَهُۥ مِن تُرَابٖ ثُمَّ قَالَ لَهُۥ كُن فَيَكُونُ} (59)

{ مثل } صفة وحال عجيبة .

{ إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم } صفة عيسى وحاله العجيبة في ولادته دون أب ودون أم -ووجه الشبه أن كلا منهما وجد وجودا خارجا عن العادة المستمرة بل الوجود من غير أب وأم أغرب فشبه الغريب بالأغرب لأنه المشبه به ينبغي أن يكون أقوى حالا من المشبه في وجه الشبه-{[995]} . [ ونزلت هذه الآية بسبب وفد نجران حين أنكروا على النبي صلى الله عليه وسلم قوله : ( إن عيسى عبد الله وكلمته ) فقالوا : أرنا عبدا خلق من غير أب فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم ( آدم من كان أبوه أعجبتم من عيسى ليس له أب فآدم عليه السلام ليس له أب ولا أم ) فذلك قوله تعالى { ولا يأتونك بمثل . . . } أي في عيسى { إلا جئناك بالحق . . . } في آدم { وأحسن تفسيرا }{[996]} ]{[997]} .

{ خلقه من تراب } بيان لوجه الشبه فكلاهما عليهما السلام وجدا بطريقة خارجة عن العادة و{ من } لابتداء الغاية – والمعنى ابتدأ خلق قالبه من هذا الجنس ، { ثم قال له كن فيكون } أي صر بشرا فصار فالتراخي على هذا زماني إذ بين إنشائه مما ذكر وإيجاد الروح فيه وتصييره لحما ودما زمان طويل {[998]} . . وفي الآية دلالة على صحة النظر والاستدلال لأنه سبحانه احتج على النصارى وأثبت جواز خلق عيسى عليه السلام من غير أب ولا أم -{[999]} .


[995]:مما أورد النيسابوري.
[996]:من سورة الفرقان الآية 33.
[997]:ما بين العلامتين [] أورده القرطبي.
[998]:مما جاء في روح المعاني.
[999]:مما جاء في روح المعاني.