مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ ٱللَّهِ كَمَثَلِ ءَادَمَۖ خَلَقَهُۥ مِن تُرَابٖ ثُمَّ قَالَ لَهُۥ كُن فَيَكُونُ} (59)

{ إِنَّ مَثَلَ عيسى عِندَ الله كَمَثَلِ ءادَمَ } أي إن شأن عيسى وحاله الغريبة كشأن آدم عليه السلام { خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ } قدره جسداً من طين وهي جملة مفسرة لحالة شبه عيسى بآدم ولا موضع لها أي خلق آدم من تراب ولم يكن ثمة أب ولا أم ، فكذلك حال عيسى مع أن الوجود من غير أب وأم أغرب وأخرق للعادة من الوجود من غير أب ، فشبه الغريب بالأغرب ليكون أقطع للخصم وأحسم لمادة شبهته إذا نظر فيما هو أغرب مما استغربه ، وعن بعض العلماء أنه أسر بالروم فقال لهم : لم تعبدون عيسى ؟ قالوا : لأنه لا أب له قال : فآدم أولى لأنه لا أبوين له . قالوا : كان يحيي الموتى . قال : فحزقيل أولى لأن عيسى أحيا أربعة نفر وحزقيل ثمانية آلاف . فقالوا : كان يبرىء الأكمه والأبرص . قال : فجرجيس أولى لأنه طبخ وأحرق ثم قام سالماً { ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن } أي أنشأه بشراً { فَيَكُونُ } أي فكان وهو حكاية حال ماضية ، و «ثم » لترتيب الخبر على الخبر لا لترتيب المخبر عنه .