تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{۞إِنَّ ٱللَّهَ يَأۡمُرُكُمۡ أَن تُؤَدُّواْ ٱلۡأَمَٰنَٰتِ إِلَىٰٓ أَهۡلِهَا وَإِذَا حَكَمۡتُم بَيۡنَ ٱلنَّاسِ أَن تَحۡكُمُواْ بِٱلۡعَدۡلِۚ إِنَّ ٱللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِۦٓۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ سَمِيعَۢا بَصِيرٗا} (58)

{ إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها } ، نزلت في عثمان بن طلحة بن عبد الله القرشي ، صاحب الكعبة في أمر مفاتيح الكعبة ، وذلك أن العباس بن عبد المطلب ، رضي الله عنه ، قال للنبي صلى الله عليه وسلم : اجعل فينا السقاية والحجابة لنسود بها الناس ، وقد كان أخذ المفتاح من عثمان حين افتتح مكة ، فقال عثمان بن طلحة للنبي صلى الله عليه وسلم : إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر فادفع إلى المفتاح ، فدفع النبي صلى الله عليه وسلم المفتاح ، ثم أخذه ثلاث مرات ، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم طاف بالبيت ، فأنزل الله تبارك وتعالى : { إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها } ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعثمان : "خذه بأمانة الله" ، حيث دفع إليه المفتاح ، فقال العباس ، رضي الله عنه ، للنبي صلى الله عليه وسلم : جعلت السقاية فينا والحجابة لغيرنا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "أما ترضون أني جعلت لكم ما تدرون ، ونحيت عنكم ما لا تدرون ، ولكم أجر ذلك ؟" ، قال العباس : بلى ، قال : "بشرفهم بذلك ، أي تفضلون على الناس ، ولا يفضل الناس عليكم" .

ثم قال عز وجل : "وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا } ، فلا أحد أسمع منه ، { بصيرا } ، فلا أحد أبصر منه ، فكان من العدل أن دفع السقاية إلى العباس بن عبد المطلب ، والحجابة إلى عثمان بن طلحة ، لأنهما كانا أهلها في الجاهلية .