فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَلَوۡ أَنَّا كَتَبۡنَا عَلَيۡهِمۡ أَنِ ٱقۡتُلُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ أَوِ ٱخۡرُجُواْ مِن دِيَٰرِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٞ مِّنۡهُمۡۖ وَلَوۡ أَنَّهُمۡ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِۦ لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۡ وَأَشَدَّ تَثۡبِيتٗا} (66)

ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا( 66 )

{ ولو أنا كتبنا عليهم أن قاتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم } عن ابن عباس ومجاهد ما حاصله : ولو أنا فرضنا على هؤلاء الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك ، المحتكمين إلى الطاغوت أن يقتلوا أنفسهم ، وأمرناهم بذلك ، أو أن يخرجوا من ديارهم مهاجرين منها إلى دار أخرى سواها ، ما قتلوا أنفسهم بأيديهم ، ولا هاجروا من ديارهم فيخرجوا عنها طاعة لله ولرسوله ، إلا قليل منهم ربما يفعلون رياء ؛ { ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا . وإذا لآتيناهم من لدنا لأجرا عظيما . ولهديناهم صراطا مستقيما } ( ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به من الانقياد والطاعة لله ورسوله- وسمى التكليف وعظا لاقترانه بالوعد والوعيد ، والترغيب والترهيب- { لكان خيرا لهم } أي : أنفع وأفضل من غيره ، أو : خير الدنيا والآخرة ، لأن { خيرا } يستعمل بالوجهين جميعا ، { وأشد تثبيتا } أقرب إلى ثباتهم على الإيمان والطاعة ، لأن الطاعة تدعو إلى أمثالها ، وتجر إلى المواظبة عليها ، ولأنه حق ، والحق ثابت والباطل زائل ، وأيضا : الإنسان يطلب الخير أولا ، فإذا حصل يطلب ثباته ودوامه ؛ ثم بين أن ما يوعظون به كما هو خير في نفسه فهو أيضا مستعقب للخير .