الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَلَوۡ أَنَّا كَتَبۡنَا عَلَيۡهِمۡ أَنِ ٱقۡتُلُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ أَوِ ٱخۡرُجُواْ مِن دِيَٰرِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٞ مِّنۡهُمۡۖ وَلَوۡ أَنَّهُمۡ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِۦ لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۡ وَأَشَدَّ تَثۡبِيتٗا} (66)

قوله ( وَلَوَاَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمُ ) الآية [ 66-68 ] .

فالمعنى : ولو أنا كتبنا على هؤلاء الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك المتحاكمين إلى الطاغوت أي : فرضنا عليهم قتل أنفسهم ، والخروج من ديارهم ما فعل ذلك إلا قليل منهم .

ومعنى( {[12831]} ) : قتل أنفسهم قتل بعضهم بعضاً كما أمر أصحاب موسى صلى الله عليه وسلم ، ولما نزل ذلك افتخر ثابت بن قيس( {[12832]} ) ورجل من اليهود( {[12833]} ) ، فقال اليهودي : والله لقد كتب الله علينا أن اقتلوا أنفسكم فقتلنا أنفسنا وبلغت القتلى منا سبعون ألفاً ، فقال ثابت : والله لو كتب الله علينا أن اقتلوا أنفسكم لقتلنا أنفسنا ، فأنزل الله عز وجل ( وَلَوَاَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً )( {[12834]} ) وقيل : إن الآية لما نزلت قال رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قيل : هو أبو بكر رضي الله عنه لو أمرنا لفعلنا ، والحمد لله الذي عافانا( {[12835]} ) . فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " إن من أمتي لرجالاً الإيمان أثبت في قلوبهم من الجبال الرواسي( {[12836]} ) .

ومعنى ( وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً ) أي : أثبت لهم في أمورهم وأقوى .

وقال السدي : وأشد تثبيتاً أي تصديقاً .


[12831]:- انظر: جامع البيان 5/160.
[12832]:- هو أبو محمد، وقيل أبو عبد الرحمن ثابت بن قيس بن شماس الأنصاري توفي 12 هـ، صحابي شهد أُحداً، وما بعدها وفي الحديث، "نعم الرجل ثابت". انظر: أسد الغابة 1/275.
[12833]:- (د): اليهود.
[12834]:- انظر: جامع البيان 5/160.
[12835]:- (د): عافنا وهو خطأ.
[12836]:- الرواسي من الجبال: الثوابت الرواسخ. انظر: اللسان 14/321. وانظر: جامع البيان 5/161.