فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَلَوۡ أَنَّا كَتَبۡنَا عَلَيۡهِمۡ أَنِ ٱقۡتُلُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ أَوِ ٱخۡرُجُواْ مِن دِيَٰرِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٞ مِّنۡهُمۡۖ وَلَوۡ أَنَّهُمۡ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِۦ لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۡ وَأَشَدَّ تَثۡبِيتٗا} (66)

{ ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليلا منهم ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا ( 66 ) وإذا لأتيناهم من لدنا أجرا عظيما ( 67 ) ولهديناهم صراطا مستقيما ( 68 ) }

{ ولو أنا كتبنا عليهم } أي على هؤلاء الموجودين من اليهود والمنافقين كما كتبنا على بني إسرائيل{[500]} { أن اقتلوا أنفسكم أو أخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم } والمعنى لو كتب ذلك على المسلمين ما فعله إلا القليل منهم ، والضمير في فعلوه راجع إلى المكتوب الذي دل عليه كتبنا أو إلى القتل والخروج المدلول عليهما بالفعلين ، وتوحيد الضمير في مثل هذا قدمنا وجهه ، وقرئ قليل بالرفع على البدل وبالنصب على الاستثناء والرفع عند النحاة أجود .

{ ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به } من إتباع الشرع والانقياد لرسول الله صلى الله عليه وسلم { لكان } ذلك { خيرا لهم } وأنفع في الدنيا والآخرة من غيره على تقدير أن الغير فيه خير ، وهذا إذا كان من بابه ، ويحتمل أنه معنى أصل الفعل أي لحصل لهم خيرهما { وأشد تثبيتا } لإقدامهم على الحق فلا يضطربون في أمر دينهم .


[500]:ابن جريج8/526 ونقله ابن كثير عن ابن أبي حاتم أيضا.