فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَلَوۡ أَنَّا كَتَبۡنَا عَلَيۡهِمۡ أَنِ ٱقۡتُلُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ أَوِ ٱخۡرُجُواْ مِن دِيَٰرِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٞ مِّنۡهُمۡۖ وَلَوۡ أَنَّهُمۡ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِۦ لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۡ وَأَشَدَّ تَثۡبِيتٗا} (66)

«لَوْ » حرف امتناع ، و «أن » مصدرية ، أو تفسيرية ؛ لأن { كَتَبْنَا } في معنى أمرنا . والمعنى : أن الله سبحانه لو كتب القتل والخروج من الديار على هؤلاء الموجودين من اليهود ما فعله إلا القليل منهم ، أو لو كتب ذلك على المسلمين ما فعله إلا القليل منهم ، والضمير في قوله : { فَعَلُوهُ } راجع إلى المكتوب الذي دلّ عليه كتبنا ، أو إلى القتل والخروج المدلول عليهما بالفعلين ، وتوحيد الضمير في مثل هذا قد قدّمنا وجهه . قوله : { إِلاَّ قَلِيلٌ } قرأه الجمهور بالرفع على البدل . وقرأ عبد الله بن عامر ، وعيسى بن عمر «إِلاَّ قَلِيلاً » بالنصب على الاستثناء ، وكذا هو في مصاحف أهل الشام ، والرفع أجود عند النحاة . قوله : { وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ } من اتباع الشرع والانقياد لرسول الله صلى الله عليه وسلم { لَكَانَ } ذلك { خَيْراً لهُمْ } في الدنيا والآخرة ، { وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً } لأقدامهم على الحق ، فلا يضطربون في أمر دينهم .

/خ69