بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَلَوۡ أَنَّا كَتَبۡنَا عَلَيۡهِمۡ أَنِ ٱقۡتُلُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ أَوِ ٱخۡرُجُواْ مِن دِيَٰرِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٞ مِّنۡهُمۡۖ وَلَوۡ أَنَّهُمۡ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِۦ لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۡ وَأَشَدَّ تَثۡبِيتٗا} (66)

قوله تعالى : { وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقتلوا أَنفُسَكُمْ } يعني : لو فرضنا عليهم القتل { أَوِ اخرجوا مِن دياركم مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مّنْهُمْ } والقليل منهم : عمار بن ياسر ، وابن مسعود ، وثابت بن قيس ، قالوا : لو أن الله تعالى أمرنا بأن نقتل أنفسنا أو نخرج من ديارنا لفعلنا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « الإيمانُ أثْبَتُ في قُلُوبِ الرِّجَالِ مِنَ الجِبالِ الرَّوَاسِي » قرأ ابن عامر { إلا قليلاً منهم } بالألف وهكذا في مصاحف أهل الشام . وقرأ الباقون بغير الألف بالضم . فمن قرأ بالضم فمعناه ما فعلوه ، ويفعله قليل منهم على معنى الاستئناف . ومن قرأ بالنصب على معنى أنه على خلاف الأول للاستثناء . كقوله تعالى { إِلاَّ المستضعفين مِنَ الرجال والنساء والولدان لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً } [ النساء : 98 ] .

ثم قال تعالى : { وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ } أي ما يؤمرون به { لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ } أي الثواب في الآخرة { وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً } أي تحقيقاً في الدنيا .