تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{۞قَالَتِ ٱلۡأَعۡرَابُ ءَامَنَّاۖ قُل لَّمۡ تُؤۡمِنُواْ وَلَٰكِن قُولُوٓاْ أَسۡلَمۡنَا وَلَمَّا يَدۡخُلِ ٱلۡإِيمَٰنُ فِي قُلُوبِكُمۡۖ وَإِن تُطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ لَا يَلِتۡكُم مِّنۡ أَعۡمَٰلِكُمۡ شَيۡـًٔاۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ} (14)

{ قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا } نزلت في أعراب جهينة ، ومزينة ، وأسلم ، وغفار ، وأشجع كانت منازلهم بين مكة والمدينة ، فكانوا إذا مرت بهم سرية من سرايا النبي صلى الله عليه وسلم قالوا : آمنا ليأمنوا على دمائهم وأموالهم ، وكان يومئذ من قال : لا إله إلا الله يأمن على نفسه وماله ، فمر بهم خالد بن الوليد في سرية النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : آمنا ، فلم يعرض لهم ، ولا لأموالهم ، فلما سار النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحديبية واستنفرهم معه ، فقال بعضهم لبعض : إن محمدا وأصحابه أكلة رأس لأهل مكة ، وأنهم كلفوا شيئا لا يرجعون عنه أبدا فأين تذهبون تقتلون أنفسكم ؟ انتظروا حتى ننظر ما يكون من أمره ، فذلك قوله في الفتح :{ بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا } إلى آخر الآية الفتح .

فنزلت فيهم :{ قالت الأعراب آمنا } يعني صدقنا ، { قل لم } يا محمد :{ قل لم } لم تصدقوا { تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا } يعني قولوا أقررنا باللسان ، واستسلمنا لتسلم لنا أموالنا { ولما يدخل الإيمان } يعني ولما يدخل التصديق { في قلوبكم وإن تطيعوا الله ورسوله } في قتال أهل اليمامة حيث قال في سورة الفتح :{ ستدعون إلى قوم أولى بأس شديد } [ الفتح :16 ] يعني قتال مسليمة بن حبيب الكذاب ، وقومه بني حنيفة ، { وإن تطيعوا الله ورسوله } إذا دعيتم إلى قتالهم { لا يلتكم } يعني لا ينقصكم { من أعمالكم شيئا } الحسنة يعني جهاد أهل اليمامة حين دعاهم أبو بكر ، رضي الله عنه { إن الله غفور } يعني ذو تجاوز لما كان قبل ذلك يوم الحديبية { رحيم } آية بهم إذا فعلوا ذلك نظيرها في الفتح .