تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{وَهُمۡ يَنۡهَوۡنَ عَنۡهُ وَيَنۡـَٔوۡنَ عَنۡهُۖ وَإِن يُهۡلِكُونَ إِلَّآ أَنفُسَهُمۡ وَمَا يَشۡعُرُونَ} (26)

{ وهم ينهون عنه وينأون عنه } ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عند أبي طالب بن عبد المطلب ، يدعوه إلى الإسلام ، فاجتمعت قريش إلى أبي طالب ليريدوا بالنبي ، عليه السلام ، سوءا ، فسألوا أبا طالب أن يدفعه إليهم فيقتلوه ، فقال أبو طالب : ما لي عنه صبر ، قالوا : ندفع إليك من سبايانا من شئت مكان ابن أخيك ، فقال أبو طالب : حين تروح الإبل ، فإن جاءت ناقة إلى غير فصيلها دفعت إليكم ، وإن كانت الناقة لا تحن إلا إلى فصيلها ، فأنا أحق من الناقة ، فلما أبى عليهم ، اجتمع منهم سبعة عشر رجلا من أشرافهم ورؤسائهم ، فكتبوا بينهم كتابا ألا يبايعوا بني عبد المطلب ، ولا يناكحوهم ، ولا يخالطوهم ، ولا يؤاكلوهم ، حتى يدفعوا إليهم محمدا صلى الله عليه وسلم ، فيقتلوه ، فاجتمعوا في دار شيبة بن عثمان صاحب الكعبة ، وكان هو أشد الناس على النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال أبو طالب :

والله لن يصلوا إليك بجمعهم *** حتى أغيب في التراب دفينا

فانفذ لأمرك ما عليك غضاضة *** أبشر وقر بذاك منك عونا

ودعوتني وزعمت أنك ناصحي *** فلقد صدقت وكنت قدما أمينا

وعرضت دينا قد علمت بأنه *** من خير أديان البرية دينا

لولا الدمامة أو أخادن سبة *** لوجدتني سمحا بذاك مبينا

فأنزل الله في أبي طالب ، واسمه : عبد مناف بن شيبة ، وهو عبد المطلب : { وهم ينهون عنه وينأون عنه } ، كان ينهى قريش عن أذى النبي صلى الله عليه وسلم ، ويتباعد هو عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا يتبعه على دينه ، { وإن يهلكون إلا أنفسهم وما يشعرون } ، يعني أبا طالب .