الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَهُمۡ يَنۡهَوۡنَ عَنۡهُ وَيَنۡـَٔوۡنَ عَنۡهُۖ وَإِن يُهۡلِكُونَ إِلَّآ أَنفُسَهُمۡ وَمَا يَشۡعُرُونَ} (26)

{ وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ } .

قال مقاتل : نزلت في أبي طالب وإسمه عبد مناف وذلك إن النبي صلى الله عليه وسلم كان عند أبي طالب يدعو إلى الإسلام فاجتمعت قريش إلى أبي طالب يريدون سوءاً بالنبي صلى الله عليه وسلم فقال أبو طالب :

واللّه لن يصلوا إليك بجمعهم * حتى أوسّد في التراب دفينا

فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة * وابشر بذلك وقر منك عيونا

ودعوتني وزعمت إنك ناصحي * ولقد صدقت وكنت ثم سببا

وفرضت ديناً لا محالة إنه * من خير أديان البرية دينا

لولا الملامة أو حذاري سبة * لوجدتني سمحاً بذاك مبينا

فأنزل اللّه تعالى { وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ } أي يمنعون الناس عن أذى النبي صلى الله عليه وسلم ويناؤن عنه أي يبتعدون عما جاء له من الهدي فلا يصدقونه وهذا قول القاسم بن محمد وعطاء ابن دينار وإحدى الروايتين عن ابن عباس وعن محمد بن الحنفية والسدي والضحّاك قالوا : نزلت في جملة كفار مكة يعني وهم ينهون الناس عن إتباع محمد والإيمان به ويتباعدون بأنفسهم عنه .

قال مجاهد : وهم ينهون عنه قريشاً ينهون عن الذكر ويتباعدون عنه .

وقال قتادة : وينهون عن القرآن وعن النبي صلى الله عليه وسلم ويتباعدون عنه { وَإِن يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ } لأن أوزار الذين يصدونهم عليهم { وَمَا يَشْعُرُونَ } إنما كذلك