غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{فَقَالَ ٱلۡمَلَأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوۡمِهِۦ مَا نَرَىٰكَ إِلَّا بَشَرٗا مِّثۡلَنَا وَمَا نَرَىٰكَ ٱتَّبَعَكَ إِلَّا ٱلَّذِينَ هُمۡ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ ٱلرَّأۡيِ وَمَا نَرَىٰ لَكُمۡ عَلَيۡنَا مِن فَضۡلِۭ بَلۡ نَظُنُّكُمۡ كَٰذِبِينَ} (27)

25

ثم حكى أنه طعن أشراف قومه في نبوته من ثلاث جهات : الأولى أنه بشر مثلهم . الثانية أنه لم يتبعه إلا الأراذل يعنون أصحاب الحرف الخسيسة كالحياكة وغيرها قالوا : لو كنت صادقاً لاتبعك الأكياس من الناس والأشراف منهم . والأراذل جمع أرذل . وقيل : جمع الأرذال جمع رذل وهو الدون من كل شيء في منظره وحالاته . ومعنى { بادي الرأي } أول الرأي وهو نصب على الظرف أي اتبعك في ابتداء حدوث الرأي من غير روية ، أو معناه ظاهر الرأي من قولك بدا الشيء إذا ظهر ، ومنه البادية للبرية لظهروها وبروزها للناظر . وهذا تفسير من قرأ بغير همز . وعلى هذا فالمراد أنهم اتبعوك في الظاهر وباطنهم بخلافه ، أو اتبعوك وقت حدوث ظاهر رأيهم فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه . ويجوز أن يتعلق { بادي الرأي } بقوله : { أراذلنا } أي كونهم كذلك أمر ظاهر لكل من يراهم عياناً ، ويتأكد هذا التأويل بما نقل عن مجاهد أنه قرأ { إلا الذين هم أراذلنا رأي العين } وإنما استرذلوا المؤمنين لاعتقادهم أن المزية عند الله سبحانه بالمال والجاه ولم يعلموا أن ذلك مبعد من الحق لا مقرب منه ، وأن الأنبياء ما بعثوا إلا لترك الدنيا والإقبال على الآخرة فكيف يجعل قلة المال طعناً في النبوة وفي متابعة النبي . الشبهة الثالثة : { وما نرى لكم علينا من فضل } لا في العقل ولا في كيفية رعاية المصالح ولا في قوة الجدل { بل نظنكم كاذبين } خطاب لنوح ولمن آمن به بتبعيته ، أو خطاب للأراذل كأنهم نسبوهم إلى الكذب في ادعاء الإيمان .

/خ49