غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{قَالَ يَٰقَوۡمِ أَرَءَيۡتُمۡ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٖ مِّن رَّبِّي وَءَاتَىٰنِي رَحۡمَةٗ مِّنۡ عِندِهِۦ فَعُمِّيَتۡ عَلَيۡكُمۡ أَنُلۡزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمۡ لَهَا كَٰرِهُونَ} (28)

25

ثم حكى ما أجاب به نوح قومه وهو أن حصول المساواة في صفة البشرية لا يمنع من حصول المفارقة في صفة النبوة وذلك قوله :{ أرأيتم إن كنت على بينة } برهان { من ربي وآتاني } بإيتاء تلك البينة { رحمة } وعلى هذا البينة هي الرحمة ، ويجوز أن يريد بالبينة المعجزة وبالرحمة النبوة وقيل بالعكس { فعميت } خفيت أو أخفيت البينة أو كل من البينة والرحمة أي صارت مظلمة مشتبهة في عقولكم . والبينة توصف بالإبصار والعمى مجازاً باعتبار نتيجتها كما أن دليل القوم إن كان بصيراً اهتدوا وإن كان أعمى بقول خابطين متحيرين . ثم قال : { أنلزمكموها } أي أنكرهكم على قبول البينة { وأنتم لها كارهون } والمراد أنا لا نقدر على إيصال حقيقة البينة إليك . وإنما يقدر على ذلك من هو قادر على الإيجاد والإعدام وتغيير الأحوال وتبديل الأخلاق .

/خ49