الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{فَقَالَ ٱلۡمَلَأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوۡمِهِۦ مَا نَرَىٰكَ إِلَّا بَشَرٗا مِّثۡلَنَا وَمَا نَرَىٰكَ ٱتَّبَعَكَ إِلَّا ٱلَّذِينَ هُمۡ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ ٱلرَّأۡيِ وَمَا نَرَىٰ لَكُمۡ عَلَيۡنَا مِن فَضۡلِۭ بَلۡ نَظُنُّكُمۡ كَٰذِبِينَ} (27)

قوله : { فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما نراك إلا بشرا مثلنا } إلى قوله : { قوما تجهلون }[ 27-29 ] .

المعنى : أنهم قالوا له : ما نراك إلا آدميا مثلنا في الخلق{[32180]} . فأنكروا أن يرسل الله عز وجل{[32181]} ، بشرا إلى الخلق{[32182]} ، ثم قالوا : { وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا }{[32183]}[ 27 ] أي : السفلة ، دون الأكابر{[32184]} . وقيل : هم الفقراء ، وقيل : هم الخسيسو{[32185]} الصناعات{[32186]} . وروي في الحديث أنهم كانوا حاكة ، وحجامين{[32187]} . ولا يقال رجل أرذل ، ولا امرأة رذلاء حتى تدخل الألف{[32188]} واللام ، أو يضاف{[32189]} .

وقوله{[32190]} : { بادي الرأي } من همزه جعله من الابتداء{[32191]} ، أي : اتبعوك ابتداء ، ولو فكروا لم يتبعوك{[32192]} . ومن لم يهمز{[32193]} ، جاز أن يكون على تخفيف الهمزة ، وجاز أن يكون على تخفيف الهمزة ، وجاز أن يكون ما بدا يبدو : إذا ظهر{[32194]} ، أي : اتبعوك في{[32195]} ظاهر الرأي ، وباطنهم على خلاف ذلك .

وقيل : المعنى : اتبعوك{[32196]} في ظاهر الرأي ، ولو تدبروا لم يتبعوك{[32197]} .

وقيل : المعنى : اتبعوك في ظاهر الرأي{[32198]} الذي ترى{[32199]} ، وليس تدري باطنهم .

ونصبه عند الزجاج على حذف ( في ) أو على مثل : { واختار موسى قومه }{[32200]} .

وقيل : المعنى : أنه نعت لمصدر محذوف ، والمعنى ( اتباعا ظاهرا ) .

ثم حكى الله عز وجل ، عنهم قالوا لمن آمن{[32201]} بنوح صلى الله عليه وسلم : { وما نرى لكم علينا من فضل }[ 27 ] إذ{[32202]} آمنتم بنوح { بل نظنكم كاذبين } : أي : في دعوتكم أن الله عز وجل ، ابتعث{[32203]} نوحا رسولا . وهذا خطاب لنوح ، لأنهم{[32204]} به{[32205]} كذبوا ، فخرج الخطاب له مخرج خطاب الجميع{[32206]} .


[32180]:ق: مكرر مرتين.
[32181]:ساقط من ق.
[32182]:انظر هذا المعنى في: جامع البيان 15/295.
[32183]:في النسختين معا: أراد لنا.
[32184]:ق: الأكبارون المصدر السابق.
[32185]:ق: الخسيسون.
[32186]:انظر هذا القول في: إعراب النحاس 2/279.
[32187]:وهو قول ابن عباس في: الجامع 9/18.
[32188]:ط: اللام والألف.
[32189]:ق: أن يضاعف.
[32190]:ط: قوله.
[32191]:وهي قراءة أبي عمرو، ونصير: عن الكسائي (بادئ) انظر: مجاز القرآن 1/287، ومعاني الزجاج 3/47، والسبعة 232، والمبسوط 238، والحجة 338، والكشف 1/526. والتيسير 124، وعزاها أيضا في المحرر 9/131 إلى: عيسى الثقفي، وانظر: الجامع 9/18، والنشر 2/288.
[32192]:انظر: الجامع 9/18.
[32193]:وهي قراءة جمهور القراء سوى أبي عمرو، ونصير، وعيسى، انظر: مراجع الهامش السابق.
[32194]:انظر هذا التفسير في: مجاز القرآن 1/287، وغريب القرآن 203، وإعراب النحاس 2/279 والكشف 1/526.
[32195]:ساقط من ق.
[32196]:ق: اتبعوا.
[32197]:انظر: الجامع 9/18.
[32198]:انظر هذا المعنى في : إعراب النحاس 2/280.
[32199]:ق: نرى.
[32200]:الأعراف: 155. وانظر هذا التوجيه في: معاني الزجاج 3/47، وإعراب النحاس 1/280.
[32201]:ق: تامن.
[32202]:ق: إذا.
[32203]:ق: ابعث.
[32204]:ط: لأنه.
[32205]:ق: له.
[32206]:وهو قول الفراء في: معانيه 2/11 وانظر: جامع البيان 15/297.