غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{فَلَمَّا رَءَآ أَيۡدِيَهُمۡ لَا تَصِلُ إِلَيۡهِ نَكِرَهُمۡ وَأَوۡجَسَ مِنۡهُمۡ خِيفَةٗۚ قَالُواْ لَا تَخَفۡ إِنَّآ أُرۡسِلۡنَآ إِلَىٰ قَوۡمِ لُوطٖ} (70)

ً { فلما رأى أيديهم لا تصل إليه } إلى العجل أو الطعام { نكرهم } أي أنكرهم واستنكر فعلهم { وأوجس } أضمر { منهم خيفة } لأنه ما كان يعرف أنهم ملائكة وكان من عادة العرب أنه إذا نزل بهم الضيف ولم يتناول طعامهم توقعوا منه المكروه والشر . وقيل : إنه كان ينزل في طرف من الأرض بعيد عن الناس ، فلما امتنعوا من الأكل خاف أن يريدوا به شراً . وقيل : إنه كان يعرف أنهم ملائكة الله لقولهم : { لا تخف } . { وإنا أرسلنا إلى قوم لوط } لم يقولوا لا تخف إنا ملائكة بل ذكروا سبب الإرسال وهو إهلاك قوم لوط . وعلى هذا فإنما خاف أن يكون نزولهم لأمر أنكره الله أو لتعذيب قومه ، والاحتمال الأول وهو أنه كان لا يعرف أنهم ملائكة أقرب بدليل إحضاره الطعام واستدلاله بترك أكلهم على توقع الشر منهم . وإنما ذكروا سبب الإرسال إيجازاً واختصاراً لدلالة الإرسال على كونهم رسلاً لا أضافياً . وإنما أتوه على صورة الأضياف ليكونوا على صفة يحبها لأنه كان مشغوفاً بالضيافة . وبم عرف الملائكة خوفه ؟ قيل : بالتغير في وجهه أو بتعريف الله ، أو علموا أن علمه بأنهم ملائكة موجب للخوف لأنهم كانوا لا ينزلون إلا بعذاب .

/خ69