تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَلَمَّا رَءَآ أَيۡدِيَهُمۡ لَا تَصِلُ إِلَيۡهِ نَكِرَهُمۡ وَأَوۡجَسَ مِنۡهُمۡ خِيفَةٗۚ قَالُواْ لَا تَخَفۡ إِنَّآ أُرۡسِلۡنَآ إِلَىٰ قَوۡمِ لُوطٖ} (70)

وقوله تعالى : ( فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ ) قال بعضهم : نكرهم أي أنكرهم ، واستنكرهم واحد ، وهو من إنكار ؛ أي لم يعرفهم ، ظن أنهم لصوص لأن اللصوص من عادتهم أنهم كانوا إذا أردوا السرقة من قوم لم يتناولوا من طعامهم ، ولم يأكلوا شيئا عندهم .

وقيل : ( نكرهم ) أنهم من البشر ( وأوجس منهم خيفة ) قال بعضهم : خاف لما ظن أنهم سراق ولصوص حين[ في الأصل وم : حيث ] لم يتناولوا شيئا مما قدم إليهم .

وقال بعضهم : ( خيفة ) أي وحشة ، أي أضمر وحشة حين[ في الأصل وم : حيث ] لم يتناولوا [ شيئا مما ][ في م : شيئا ] قرب إليهم ، فحينئذ علم أنهم ليسوا من البشر لأن منزل إبراهيم كان ينأى عن البلد ، ولا[ في الأصل وم : ولم ] ينزله أحد من البشر إلا وقد احتاج إلى الطعام . فلما لم يتناولوا علم أنهم ليسوا من البشر ، فما جاؤوا إلا لأمر عظيم لتعذيب قوم وهلاكهم ، فخاف لذلك .

فقالوا ( لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط ) وقال في موضع آخر : ( قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم ) . . . ( قال فما خطبكم أيها المرسلون )[ الذاريات : 28 . . و31 ] يذكر ههنا أن قولهم : ( إنا أرسلنا ) على إثر سؤال ، وفي ما نحن فيه ، لا كذلك .

فالمعنى فيه ، والله أعلم ، أن ذلك كان على إثر سؤال إبراهيم بقوله : ( فما خطبكم أيها المرسلون ) لكنه جمع ذلك في ما نحن فيه بالحكاية عن قولهم ، وإن كان مفصولا عنه ، وخرجت الحكاية في موضع آخر على ما كان في الحقيقة . وذلك مستقيم في كلام العرب ، والله أعلم .