الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{فَلَمَّا رَءَآ أَيۡدِيَهُمۡ لَا تَصِلُ إِلَيۡهِ نَكِرَهُمۡ وَأَوۡجَسَ مِنۡهُمۡ خِيفَةٗۚ قَالُواْ لَا تَخَفۡ إِنَّآ أُرۡسِلۡنَآ إِلَىٰ قَوۡمِ لُوطٖ} (70)

و{ نَكِرَهُمْ } [ هود : 70 ] على ما ذكر كثيرٌ من النَّاس ، معناه : أَنْكَرهم { وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً } ؛ من أجْل امتناعهم من الأكل ؛ إِذ عُرْفُ مَنْ جاء بِشَرٍّ أَلاَّ يأْكل طعامَ المنْزُولِ به .

قال ابنُ العربيِّ في «أحكامه » : ذهب الليثُ بْنُ سَعْدٍ إِلى أَنَّ الضِّيَافَةَ واجِبَةٌ ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ وَاليَوْمِ الآخَرِ ، فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ ، جَائِزَتُهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ ، ومَا وَرَاءَ ذَلِكَ صَدَقَةٌ ) ، وفي رواية : ( ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ ، وَلاَ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يثوي عنْدَهُ حتَّى يُحْرِجَهُ ) وهذا حديثٌ صحيحٌ ، خرَّجه الأئمةِ ، واللفظ للترمذيِّ .

وذهب علماء الفقْه إِلى : أن الضيافة لا تجبُ ، وحملوا الحديثَ على النَّدْب .

قال ابنُ العربيِّ : والذي أقولُ به أن الضيافَةَ فَرْضٌ على الكفَايَةِ ، ومِنَ الناسِ مَنْ قال : إِنها واجبةٌ في القُرَى حيثُ لا مَأْوَى ولا طَعَام ؛ بخلاف الحواضِرِ ؛ لتيسُّر ذلك فيها ، قال ابنُ العربيِّ : ولا شكَّ أن الضيْفَ كريمٌ ، والضِّيافة كرامَةٌ ، فإِن كان عديماً ، فهي فريضةٌ انتهى .

و{ أَوْجَسَ } معناه : أحس والوجيسُ : ما يعتري النفْسَ عنْد الحَذَرِ ، وأوائلِ الفَزَعِ .