{ وجاؤوا على قميصه } نصب على الظرف أي فوق قميصه لا على الحال المتقدمة لأن حال المجرور لا تتقدم عليه { بدم كذب } ذي كذب أو دم هو الكذب بعينة مبالغة . يروى أنهم ذبحوا سخلة ولطخوه بدمها ، ويروى أن يعقوب لما سمع بخير يوسف صاح بأعلى صوته وقال : أين القميص ؟ فأخذه وألقاه على وجهه وبكى حتى خضب وجهه بدم القميص . وقال : تالله ما رأيت كاليوم ذئباً أحلم من هذا أكل ابني ولم يمزق عليه قميصه . وقيل : كان في قميص يوسف ثلاث آيات آية ليعقوب على كذبهم ، وآية حين ألقاه البشير على وجهه فارتد بصيراً ، وآية على براءة يوسف حين قدّ من دبر . ولما تبين يعقوب بالآيات المذكورة أو بالوحي أنهم كاذبون قال على سبيل الإضراب . { بل سوّلت } قال ابن عباس بل زينت { لكم أنفسهم أمراً } في شأنه وهو تفعيل من السول الأمنية . قال الأزهري : وأصله مهموز غير أن العرب استثقلوا فيه الهمزة . وقال في الكشاف : سوّلت سهلت من السول بفتحتين وهو الاسترخاء والتنكير دليل التعظيم { فصبر جميل } لا بد من تقدير مبتدأ أو خبر أي فأمري صبر جميل أو فصبر جميل أمثل . وفي الحديث أنه الذي لا شكوى فيه أي إلى الخلق لقوله : { إنما أشكوا بثي وحزني إلى الله } [ يوسف : 86 ] وقيل : أي لا أعايشكم على كآبة الوجه بل أكون لكم كما كنت . يحكى أنه سقط حاجبا يعقوب على عينيه فكان يرفعهما بعصابة فقيل له : ما هذا ؟ فقال : طول الزمان وكثرة الأحزان . فأوحى الله تعالى إليه يا يعقوب أتشكوني ؟ قال : يا رب خطيئة فاغفرها لي . ثم بين أن الصبر على ما وصفوه من هلاك يوسف لا يمكن إلا بمعونة الله تعالى فقال : { والله المستعان على ما تصفون } فالقرينتان كقوله : { إياك نعبد وإياك نستعين } الفاتحة : 5 ] ويعلم من الآية أن الصبر إن كان لأجل الرضا بقضاء الله تعالى أو لاستغراقه في شهود نور الحق بحيث يمنعه من الاشتغال بالشكاية عن البلاء فذلك صبر جميل وإلا فلا . واعترض بأن هذا الصبر كان فيه إعانة الظالمين وإهمال لتخليص المظلوم من المحن والشدائد والترقية فكيف جاز صبر يعقوب حتى لم يبالغ في التفتيش والتنقير ، ولو بالغ لظهر عليه الأمر لشهرته وعظم قدره ؟ وأجيب بأن الله سبحانه لعله منعه عن الطلب تشديداً للمحنة عليه ، أو لعله إن بالغ في البحث أقدموا على قتله ، أو علم أن الله تعالى يصون يوسف وسيعظم أمره بالآخرة فلم يرد هتك ستر أولاده وإلقاءهم في ألسنة الناس كقول القائل :
فكان الأصوب الصبر والسكوت وتفويض الأمر بالكلية إلى الله تعالى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.