غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَقُرۡءَانٗا فَرَقۡنَٰهُ لِتَقۡرَأَهُۥ عَلَى ٱلنَّاسِ عَلَىٰ مُكۡثٖ وَنَزَّلۡنَٰهُ تَنزِيلٗا} (106)

90

ثم إن القوم كأنهم من تعنتهم طعنوا في القرآن من جهة أنه لم ينزل دفعة واحدة فأجاب عن شبهتهم بقوله : { وقرآناً } وهو منصوب بفعل يفسره { فرقناه } أي جعلنا نزوله مفرقاً منجماً . وعن ابن عباس أنه قرأه مشدداً وقال : إنه لم ينزل في يومين أو ثلاثة بل كان بين أوله وآخره عشرون سنة يعني أن فرق بالتخفيف يدل على فصل مقارب . وقال أبو عبيدة : التخفيف أعجب إليّ لأن تفسيره بيناه وليس للتشديد معنى إلا أنه نزل متفرقاً . فالفرق يتضمن التبين ويؤكده ما رواه ثعلب عن ابن الأعرابي أنه قال : فرقت أفرق بين الكلام وفرقت بين الأجسام . وأقول : إن ابن عباس اعتبر الفصل بين أول نزوله وبين آخره ، فرأى التشديد أولى . ولعل المراد الفصول المتقاربة التي فيما بين المدة بدليل قوله : { لتقرأه على الناس على مكث } بضم الميم أي على مهل وتؤدة ولقوله : { ونزلناه تنزيلاً } أي على حسب المصالح والحوادث .

/خ111