تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَقُرۡءَانٗا فَرَقۡنَٰهُ لِتَقۡرَأَهُۥ عَلَى ٱلنَّاسِ عَلَىٰ مُكۡثٖ وَنَزَّلۡنَٰهُ تَنزِيلٗا} (106)

الآية106 : وقوله تعالى : { وقرآنا فرقناه } بالتخفيف والثقيل{[11310]} { فرقناه } بالتخفيف أي أحكمناه ، وثَبَّتْنَاهُ حتى { لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه } ( فصلت : 42 ) وقال بعضهم : فرَّقْنَاهُ أي{[11311]} قطَّعْنَاهُ في الإنزال سورة فسورة وآية فآية على ما أُنْزِلَ{ لتقرأه على الناس على مكث }فهو ، والله أعلم لوجوه :

أحدهما : ما ذكر ( في{[11312]} ) قوله : { و قال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك } ( الفرقان : 32 ) فأخبر عز و جل أنه إنما أنزله بالتفاريق { لنثبت به فؤادك } لأن ذلك أثبت في القلب وأيسر في الحفظ .

والثاني : أنزله التفاريق على قدر النوازل لتتجدد لهم البصيرة ، وتزداد لهم الحجة بعد الحجة . ولو كان لم يكن ليتجدد لهم ذلك ، ولا تزداد لهم البصيرة .

والثالث{[11313]} : أن يكون أنزله بالتفاريق للتنبيه ليُثْبِتَهُم في كل وقت ، ويعظهم في كل حال ؛ إذ ذلك أنْبَهُ لهم وأوعظ من أن يكون مُنَزَّلاً جملة واحدة .

ألا ترى أن الآية إذا دامت تكون في التنبيه أقل ، وإذا كانت متقطعة في الأوقات كانت أخوف وأنبه كسوف الشمس بالليل صار بالدوام غير مخوف ولا منبه لهم للدوام ، وكسوفها بالنهار صار تنبيها للانقطاع ؟ فعلى ذلك الأول ، والله أعلم .


[11310]:انظر معجم القراءات القرآنية ح3/342.
[11311]:في الأصل و.م:و.
[11312]:ساقطة من الأصل و.م.
[11313]:في الأصل و.م: أو.