السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَقُرۡءَانٗا فَرَقۡنَٰهُ لِتَقۡرَأَهُۥ عَلَى ٱلنَّاسِ عَلَىٰ مُكۡثٖ وَنَزَّلۡنَٰهُ تَنزِيلٗا} (106)

ثم إنّ الله تعالى أخبر أنّ الحكمة في إنزال القرآن مفرّقاً بقوله عز وجلّ : { وقرآناً } ، أي : وفصلنا أو وأنزلنا قرآناً { فرقناه } ، أي : أنزلناه منجماً في أوقات متطاولة قال سعيد بن جبير نزل القرآن كله ليلة القدر من السماء العليا إلى السماء السفلى ، ثم فصل في السنين التي نزل فيها . قال قتادة : كان بين أوّله وآخره عشرون سنة وقيل ثلاث وعشرون سنة والمعنى قطعناه آية آية وسورة سورة ولم ينزل جملة { لتقرأه على الناس } ، أي : عامّة { على مكث } ، أي : مهل وتؤدة ليفهموه { ونزلناه } من عندنا بما لنا من العظمة { تنزيلاً } بعضه إثر بعض مفرّقاً بحسب الوقائع لأنه أتقن في فصلها وأعون على الفهم لطول التأمّل لما نزل من نجومه في مدّة ما بين النجمين لغزارة ما فيه من المعاني .