غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{أَمَّا ٱلسَّفِينَةُ فَكَانَتۡ لِمَسَٰكِينَ يَعۡمَلُونَ فِي ٱلۡبَحۡرِ فَأَرَدتُّ أَنۡ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَآءَهُم مَّلِكٞ يَأۡخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصۡبٗا} (79)

60

ثم شرع في تقرير الحكم التي تضمنتها أفعاله وتلك الحكم تشترك في أصل واحد هو أنه إذا تعارض الضرر إن وجب تحمل الأدنى لدفع الأعلى فقال : { أما السفينة فكانت لمساكين } قيل : كانت لعشرة إخوة خمسة منهم زمنى وخمسة { يعملون في البحر } وقد تقدم استدلال الشافعي بهذه الآية على أن الفقير أسوأ حالاً من المسكين { وكان وراءهم ملك } وهو مسمى بجلندي والوراء ههنا بمعنى الأمام وقد مر في قوله : { ومن ورائه عذاب غليظ } [ إبراهيم : 17 ] وقيل : أراد خلفهم وكان طريقهم في الرجوع وما كان عندهم خبرة { يأخذ كل سفينة } أي غير معيبة { غصباً } ولا يخفى أن الضرر الحاصل من التخريق أهون من فوات السفينة بالكلية والتخريق ، وإن كان تصرفاً في ملك الغير إلا أنه إذا تضمن نفعاً زائداً لم يكن به بأس . ولعل مثل هذا التصرف كان جائزاً في تلك الشريعة ، أو لعله كان من مخصوصات النبي صلى الله عليه وسلم . قال جار الله . قوله : { فأردت أن أعيبها } مسبب عن خوف الغصب عليها وكان حقه أن يتأخر عن السبب ولكنه قدم للعناية أي تتعجب من هذا وهو مرادي وأنا مأمور به . وأيضاً خوف الغصب ليس هو السبب وحده ، ولكن مع كون السفينة للمساكين فتوسط إرادة العيب بين المسكنة والغصب كتوسط الظن بين المبتدأ والخبر في قولك " زيد ظني مقيم " في أنه يتعلق بالطرفين .

/خ82