{ فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية } هي أنطاكية : وقيل : الأيلة وهي أبعد أرض الله من السماء . { استطعما أهلها } وكان حق الإيجاز أن يقال : " استطعماهم " فوضع الظاهر موضع المضمر للتأكيد كقوله :
ليت الغراب غداة ينعب بيننا *** كان الغراب مقطع الأوداج
وأيضاً لعله كره اجتماع الضميرين المتصلين في مثل هذا اللفظ لما فيه من الكلفة والبشاعة والاستطالة { فأبوا أن يضيفوهما } يقال : أضافه وضيفه إذا أنزله وجعله ضيفه ، والتركيب يدور على الميل من ضاف السهم عن الغرض والضيف يميل إلى المضيف . عن النبي صلى الله عليه وسلم : " كانوا أهل قرية لئاماً . " قيل : الاستطعام ليس من عادة الكرام فكيف أقدما عليه . وأيضاً الضيافة من المندوبات وترك المندوب غير منكر ، فكيف جاز لموسى أن يغضب عليهم حتى ترك عهد صاحبه . وقال : { لو شئت لاتخذت عليه أجراً } وأجيب بأن الرجل إذا جاع بحيث ضعف عن الطاعة أو أشرف على الهلاك لزمه الاستطعام ووجبت إجابته . ولقائل أن يقول : لو كان قد بلغ الجوع إلى حدّ الهلاك لم يقو على إصلاح الجدار . ولمجيب أن يقول : إنه أقام الجدار معجزة فقد يروى أنه مسحه بيده فقام واستوى . وقيل : أقامه بعمود عمده به . وقيل : نقضه وبناه . وروي أنه كان ارتفاع الجدار مائة ذراع . قال أهل الاعتبار : شر القرى التي لا يضاف الضيف فيها ولا يعرف لابن السبيل حق . ويحكى أن أهل تلك القرية لما سمعوا نزول هذه الآية استحيوا وجاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بحمل الذهب فقالوا : يا رسول الله نشتري بهذا الذهب أن تجعل الباء تاء أي " فأتوا أن يضيفوهما " فامتنع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك . قوله : { يريد أن ينقض } معناه يسرع سقوطه من انقض الطائر إذا هوى في طيرانه . يقال : قضضته فانقض ، ويحتمل أن يكون " افعل " من النقض كاحمرّ من الحمرة ، فالنون تكون أصلية وإحدى الضادين مكررة زائدة عكس الأول . واستعيرت الإرادة للمداناة والمشارفة تشبيهاً للجماد بالأحياء نظيره { ولما سكت عن موسى الغضب } [ الأعراف : 154 ] { قالتا أتينا طائعين } [ فصلت : 11 ] . ولما أقام الخضر الجدار ورأى موسى من الحرمان ومسيس الحاجة { قال } لصاحبه { لو شئت لاتخذت عليه أجراً } لطلبت على عملك جعلاً حتى نستدفع به الضرورة . واتخذ افتعل من تخذ كاتبع من تبع وليس من الأخذ على الأصح .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.