الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{أَمَّا ٱلسَّفِينَةُ فَكَانَتۡ لِمَسَٰكِينَ يَعۡمَلُونَ فِي ٱلۡبَحۡرِ فَأَرَدتُّ أَنۡ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَآءَهُم مَّلِكٞ يَأۡخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصۡبٗا} (79)

{ أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ } قال كعب : كانت لعشرة إخوة : خمسة منهم زمنى ، وخمسة منهم يعملون في البحر . وفي قوله : { مَسَاكِينَ } دليل على أن المسكين وإن كان مَلَكَ شيئاً فلا يزول عنه اسم المسكنة إذا كانت به حاجة إلى ما هو زيادة على ملكه ، ويجوز له أخذ الزكاة . ( وأخبرنا أبو بكر عبد الرحمن بن علي الحمشادي ، عن أحمد بن الحسين بن علي الرازي قال : أبو الحسن أحمد بن زكريا المقدسي عن إبراهيم بن عبد الله الصنعاني عن إبراهيم ) بن الحكم عن أبيه عن عكرمة قال : قلت لابن عباس : قوله : { أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ } ، كانوا مساكين والسفينة تساوي ألف دينار ؟ قال : إن المسافر مسكين ولو كان معه ألف دينار . { فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَآءَهُم } أي أمامهم وقدّامهم كقوله تعالى :

{ مِّن وَرَآئِهِ جَهَنَّمُ } [ إبراهيم : 16 ]

{ وَمِن وَرَآئِهِمْ بَرْزَخٌ } [ المؤمنون : 100 ] أي أمامهم . قال الشاعر :

أيرجو بنو مروان سمعي وطاعتي *** وقومي تميم والفلاة ورائيا

وقيل : { وَرَآءَهُم } : خلفهم ، وكان رجوعهم في طريقهم عليه ، ولم يكونوا يعلمون بخبره فأعلم الله الخضر ( عليه السلام ) بخبره . { مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً } ، أي كل سفينة صالحة ، فاكتفى بدلالة الكلام عليه ، يدل عليه ما روى سفيان عن عمر بن دينار عن ابن عباس أنه يقرأ ( وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصباً ) . فخرقها وعيّبها ، لئلاّ يتعرض لها ذلك الملك ، واسمه جلندى وكان كافراً . قال محمد بن إسحاق : وكان اسمه منواه بن جلندى الأردني . وقال شعيب الجبائي اسمه هدد بن بدد .