قوله تعالى : { أَمَّا السفينة فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ } : العامة على تخفيف السين ، جمع " مِسْكين " . وقرأ{[21274]} عليٌّ أمير المؤمنين - كرَّم الله وجهه - بتشديدها جمع " مسَّاك " وفيه قولان :
أحدهما : أنه الذي يمسكُ سكَّان السفينة ، وفيه بعض مناسبة .
والثاني : أنَّه الذي يدبغُ المُسوكَ جمع " مَسْكٍ " بفتح الميم ، وهي الجلود ، وهذا بعيدٌ ؛ لقوله : { يَعْمَلُونَ فِي البحر } قال شهاب الدين ولا أظنُّها إلا تحريفاً على أمير المؤمنين ، و " يَعْملُونَ " صفة لمساكين .
قوله : { وَرَآءَهُم مَّلِكٌ } " وَرَاء " هنا بمعنى المكان .
وقيل : " وَراءَهُمْ " بمعنى " أمَامَهُمْ " ؛ كقوله :
{ مِّن وَرَآئِهِ جَهَنَّمُ } [ إبراهيم : 16 ] وقيل : " وَراءَهُمْ " خلفهم ، وكان رجوعهم في طريقهم عليه . والأول أصحُّ ؛ لقوله : { مِّن وَرَآئِهِ جَهَنَّمُ } [ إبراهيم : 16 ] ويؤيِّده قراءة ابن عباس : وكان أمامهم ملكٌ يأخذ كلَّ سفينةٍ غصباً وقال سوارُ بن المضرِّب السعديُّ : [ الطويل ]
أيَرْجُو بنُو مَرْوانَ سَمْعِي وطَاعتِي *** وقَوْمِي تَميمٌ والفَلاةُ وَرائِيَا{[21275]}
وقال تعالى : { وَيَذَرُونَ وَرَآءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً } [ الإنسان : 27 ] وتحقيقه : أنَّ كلَّ ما غاب عنك ، فقد توارى عنك وتواريت عنه ، وقيل : إنَّ تحقيقه أنَّ ما غاب عنك ، فقد توارى عنك ، وأنت متوارٍ عنه ، فكلُّ ما غاب عنك ، فهو وراءك ، وأمام الشيء وقدامه ، إذا كان غائباً عنك ، متوارياً عنك ، فلم يبعد إطلاق لفظة " وراء " عليه ، ويراد بها الزَّمان ؛ قال الشاعر : [ الطويل ]
ألَيْسَ وَرائِي أنْ أدبَّ على العَصَا *** فَيأمَنَ أعْدائِي ويَسْأمنِي أهْلِي{[21276]}
أليْسَ ورَائِي إنْ تَراخَتْ منيَّتِي *** لُزومُ العَصَا تُحْنَى عليْهَا الأصَابِعُ{[21277]}
الأول : أنه مصدر في موضع الحال ، أو منصوب على المصدر المبين لنوع الأخذ ، أو منصوب على المفعول له ، وهو بعيد عن المعنى ، وادَّعى الزمخشري أنَّ في الكلام تقديماً وتأخيراً ، فقال : " فإن قلت : قوله : " فأردتُّ أن أعيبها " مسبَّبٌ عن خوفه الغصب عليها ، فكان حقه أن يتأخَّر عن السبب ؛ فلمَ قُدِّم عليه ؟ قلتُ : النيةُ به التأخيرُ ؛ وإنما قدِّم للعناية به ، ولأنَّ خوف الغصب ليس هو السبب وحده ، ولكن مع كونها للمساكين ، فكان بمنزلةِ قولك : زيدٌ ظنِّي مقيمٌ " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.