فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{أَمَّا ٱلسَّفِينَةُ فَكَانَتۡ لِمَسَٰكِينَ يَعۡمَلُونَ فِي ٱلۡبَحۡرِ فَأَرَدتُّ أَنۡ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَآءَهُم مَّلِكٞ يَأۡخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصۡبٗا} (79)

ثم شرع في البيان له فقال : { أَمَّا السفينة } يعني : التي خرقها { فَكَانَتْ لمساكين } لضعفاء لا يقدرون على دفع من أراد ظلمهم { يَعْمَلُونَ فِي البحر } ولم يكن لهم مال غير تلك السفينة يكرونها من الذين يركبون البحر ويأخذون الأجرة ، وقد استدل الشافعي بهذه الآية على أن الفقير أسوأ حالاً من المسكين { فَأَرَدتُ أَنْ أَعِيبَهَا } أي : أجعلها ذات عيب بنزع ما نزعته منها { وَكَانَ وراءهم ملك } قال المفسرون : يعني أمامهم ، ووراء يكون بمعنى : أمام ، وقد مرّ الكلام على هذا في قوله : { وَمِن وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ } [ إبراهيم : 17 ] . وقيل : أراد خلفهم ، وكان طريقهم في الرجوع عليه ، وما كان عندهم خبر بأنه { يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً } أي : كل سفينة صالحة لا معيبة ، وقد قرئ بزيادة «صالحة » ، روي ذلك عن أبيّ وابن عباس . وقرأ جماعة بتشديد السين من مساكين ، واختلف في معناها ، فقيل : هم ملاحو السفينة ، وذلك أن المساك هو الذي يمسك السفينة ، والأظهر قراءة الجمهور بالتخفيف .

/خ82