غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ} (183)

183

التفسير : هذا حكم آخر . والصيام مصدر صام كالقيام والعياذ . وهو في اللغة الإمساك عن الشيء . قال الخليل : الصوم قيام بلا عمل . وصام الفرس صوماً أي قام على غير اعتلاف . وقال أبو عبيدة : كل ممسك عن طعام أو كلام أو سير فهو صائم . وإنه في الشرع عبارة عن الإمساك عن أشياء مخصوصة تسمى المفطرات كالأكل والشرب والوقاع في زمان مخصوص هو من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس . ولابد في صحته من النية وأن يقع في غير يومي العيد بالاتفاق ، وفي غير أيام التشريق عند الأكثرين . ويوافقه الجديد من قول الشافعي " ومن غير يوم الشك بلا ورد ونذر وقضاء وكفارة " . ولابد للصائم من الإسلام والنقاء عن الحيض والنفاس ، ومن العقل كل اليوم ، ومن انتفاء الإغماء في جزء من اليوم . وقوله سبحانه { كما كتب على الذين من قبلكم } أي على الأنبياء والأمم من لدن آدم إلى عهدكم . قال علي كرم الله وجهه : أوّلهم آدم يعني أن الصوم عبادة أصلية قديمة ما أخلى الله أمة من افتراضها عليهم لم يفرضها عليكم وحدكم . { لعلكم تتقون } بالمحافظة عليها لقدمها ، أو المعاصي لأن في الصوم ظلفاً للنفس عن المناهي ومواقعة السوء ، أو لعلكم تنتظمون في سلك أهل التقوى فإن الصوم شعارهم . وقيل : معناه صومكم كصومهم في عدد الأيام وهو رمضان ، كتب على النصارى فأصابهم موتان فزادوا عشراً قبله وعشراً بعده . وقيل : كان يقع في البرد الشديد والحر الشديد فشق عليهم فجعلوه بين الشتاء والربيع وزادوا عشرين كفارة .