غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{شَهۡرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ فِيهِ ٱلۡقُرۡءَانُ هُدٗى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَٰتٖ مِّنَ ٱلۡهُدَىٰ وَٱلۡفُرۡقَانِۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهۡرَ فَلۡيَصُمۡهُۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوۡ عَلَىٰ سَفَرٖ فَعِدَّةٞ مِّنۡ أَيَّامٍ أُخَرَۗ يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلۡيُسۡرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ ٱلۡعُسۡرَ وَلِتُكۡمِلُواْ ٱلۡعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَىٰكُمۡ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ} (185)

183

قوله عز من قائل { شهر رمضان } الشهر مأخوذ من الشهرة . عن مجاهد : رمضان اسم الله تعالى . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم " لا تقولوا جاء رمضان وذهب رمضان ولكن قولوا جاء شهر رمضان فإن رمضان اسم من أسماء الله " وعلى هذا شهر رمضان أي شهر الله .

والأكثرون على أنه اسم علم للشهر كرجب وشعبان ومنع الصرف للعلمية والألف والنون . ثم اختلف في اشتقاقه فعن الخليل : أنه من الرمض بتسكين الميم وهو مطر يأتي وقت الخريف ويطهر وجه الأرض عن الغبار ، سمي الشهر بذلك لأنه يطهر الأبدان عن أوضار الأوزار . وقيل : من الرمض بمعنى شدة الحر من وقع الشمس والأرض رمضاء . وفي الكشاف : الرمضان مصدر رمض إذا احترق من الرمضاء ، سمي بذلك إما لارتماضهم فيه من حر الجوع كما سموه ناتقاً لأنه كان ينتقهم أي يزعجهم لشدته عليهم ، أو لأن الذنوب ترمض فيه أي تحترق . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " إنما سمي رمضان لأنه يرمض ذنوب عباده " وكأن هذا من قولهم " رمضت النصل " جعلته بين حجرين أملسين ثم دققته ليرق . وعن الأزهري : أنهم كانوا يرمضون أسلحتهم فيه ليقضوا منها أوطارهم في شوّال قبل دخول الأشهر الحرم . وقيل : إنهم لما نقلوا أسماء الشهور عن اللغة القديمة سموها بالأزمنة التي وقعت فيها فوافق هذا الشهر أيام رمض الحر فسمي بذلك . وشهر رمضان يجمع على رمضانات وأرمضاء ، وإضافة الشهر إليه إضافة العام إلى الخاص ، ولو لم يتلفظ بالشهر جاز كقوله صلى الله عليه وسلم " من صام رمضان إيماناً " الحديث . لأن التسمية وقعت برمضان فقط . وارتفاعه على أنه مبتدأ خبره { الذي أنزل فيه القرآن } أو على أنه بدل من الصيام في قوله { كتب عليكم الصيام } أو على أنه خبر مبتدأ محذوف أي هي أي الأيام المعدودات شهر رمضان . وعلى هذين الوجهين يكون الموصول مع صلته صفة لشهر رمضان . قال أبو علي : وهذا أولى ليكون أيضاً في الأمر بصوم الشهر وإلا كان خبراً عن إنزال القرآن فيه . وقرئ بالنصب على صوموا شهر رمضان أو على الإبدال من { أياماً } أو على مفعول { وأن تصوموا } وفي هذا الوجه نظر من قبل الفصل بين { أن تصوموا } ومعموله بالخبر . وفائدة وصف الشهر بإنزال القرآن فيه التنبيه على علة تخصيصه بالصوم فيه .

وذلك أنه لما خص بأعظم آيات الربوبية ناسب أن يخص بأشق سمات العبودية فبقدر هضم النفس يترقى العبد في مدارج الأنس ويصل إلى معارج القدس وتنخرق له الحجب الناسوتية ويطلع على الحكم اللاهوتية ويفهم معاني القرآن ويتبدل له العلم بالعيان وكان حينئذٍ من العجائب ما كان . وفي إنزال القرآن في رمضان أقوال . فعن سفيان بن عيينة أنزل في فضله القرآن كما تقول أنزل في علي عليه السلام كذا . وقال ابن الأنباري : أنزل في إيجاب صومه على الخلق القرآن كما تقول : أنزل الله في الزكاة كذا أي في إيجابها ، وأنزل في الخمر كذا أي في تحريمها . والقولان متقاربان ، أو هما واحد فإنه لم ينزل سوى قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام } الآيات . واختيار الجمهور أن الله تعالى أنزل القرآن في رمضان . عن النبي صلى الله عليه وسلم " نزلت صحف إبراهيم أوّل ليلة من رمضان وأنزلت التوراة لست مضين والإنجيل لثلاث عشرة والقرآن لأربع وعشرين " ثم إنه لا شك أن القرآن قد نزل منجماً مفرقاً على حسب المصالح والوقائع ، فأوّلت الآية بأن المراد أنه ابتدئ فيه إنزاله وذلك ليلة القدر . ومبادئ الملل والدول هي التي يؤرخ بها لشرفها وانضباطها . وهذا قول محمد بن إسحاق . أو أنه أنزل جملة إلى السماء الدنيا في ليلة القدر ثم نزل إلى الأرض نجوماً ، وليس يبعد أن يكون للملائكة الذين هم سكان سماء الدنيا مصلحة في إنزال ذلك إليهم ، وفيه مصلحة للرسول من حيث توقع الوحي عن أقرب الجهات . ولعل فيه مصلحة لجبريل المأمور بالإنزال والتأدية ولاسيما على رأي الفلاسفة الذين جبريل عندهم هو العقل الفعال الأخير الذي يدير عالم الكون والفساد وخاصة نوع الإنسان . وعلى هذا القول يحتمل أن يقال : إن الله تعالى أنزل كل القرآن من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا ليلة القدر ، ثم نزله على محمدٍ صلى الله عليه وسلم منجماً إلى آخر عمره . ويحتمل أن يقال : إنه سبحانه كان ينزل إلى السماء الدنيا ليلة القدر كل سنة ما يحتاجون إليه في تلك السنة وكذلك أبداً إلى أن تم إنزاله . وعلى هذا يكون تعين رمضان الذي أنزل فيه القرآن نوعياً لا شخصياً { هدى للناس وبيناتٍ } منصوبان على الحالية أي أنزل وهو هداية للناس إلى الحق وهو آيات واضحات مكشوفات من جملة ما يهدي إلى الحق ويفرق بينه وبين الباطل من الكتب السماوية . وذلك أن الهدى قسمان : جلي مكشوف وخفي مشتبه ، فوصفه أولاً بجنس الهداية ثم قال : إنه من نوع البين الواضح . ويحتمل أن يقال : القرآن هدى من نفسه ومع ذلك ففيه أيضاً بينات من هدى الكتب المتقدمة ، فيكون المراد بالهدى والفرقان والتوراة والإنجيل ، أو يقال : الهدى الأول أصول الدين ، والثاني فروعه ، فيزول التكرار . نقل الواحدي عن الأخفش والمازني أن الفاء في { فمن شهد } زائدة إذ لا معنى للعطف والجزاء ههنا وهذا وهم لظهور كونها للجزاء كأنه قيل : لما علمتم اختصاص هذا الشهر بفضيلة إنزال القرآن فيه فأنتم أيضاً خصوه بهذه العبادة ، ومعنى شهد أي حضر . ثم قيل : إن مفعوله محذوف { والشهر } منصوب على الظرف وكذلك الهاء في { فليصمه } ولا يكون مفعولاً به كقولك " شهدت الجمعة " لأن المقيم والمسافر كلاهما شاهدان الشهر . فالمعنى فمن شهد منكم في الشهر المذكور المعلوم البلد أو المقام فليصم في الشهر . وصاحب هذا القول ارتكب الإضمار حذراً من لزوم التخصيص في حق المسافر إلا أنه يلزمه ما فر منه أية سلك لأن الصبي والمجنون والمريض كل منهم شهد البلد مع أنه لا يجب عليه الصوم . أما إذا قيل : إن الشهر مفعول به مثل " شهدت عصر فلان وأدركت زمانه " فلا يلزم منه إلا أحد الأمرين وهو التخصيص بقوله { ومن كان مريضاً أو على سفرٍ فعدّة من أيامٍ أخر } فيكون أولى من الأول لأن الإضمار والتخصيص إذا تعارضا فالتخصيص أولى ، فكيف إذا وقع الإضمار والتخصيص في جانب والتخصيص وحده في جانب ؟ هذا ما قاله الإمام فخر الدين الرازي معترضاً به على صاحب الكشاف وغيره . ( قلت ) : الإنصاف أن الترجيح مع صاحب الكشاف لأن لزوم الإضمار في الآية ممنوع ، وذلك أن { شهد } ههنا متروك المفعول كقولهم " فلان يعطى ويمنع " ومعنى من شهد من كان على حالة الحضر سواء كان في البلد أو في منزل من المنازل ونوى الإقامة . وأما التخصيص فمشترك على القولين إلا أنه على قول صاحب الكشاف أقل لعدم دخول المسافر فيه ، فيكون أولى . فإن قيل : فعلى هذا يكون قوله بعيد ذلك { أو على سفرٍ } تكراراً قلنا : إنما أعيد ليترتب عليه حكم القضاء كما للمريض . وأيضاً لا يلزم من إيجاب الصوم على الحاضر عدم إيجابه على المسافر ، ولو سلم فبالمفهوم أوّلاً وبالمنطوق ثانياً ، فأين التكرار ؟ وإنما وضع المظهر وهو الشهر مقام المضمر حيث لم يقل فمن شهده اعتناء بشأنه واعتلاء لمكانه وتمكيناً في القلوب وتعظيماً في النفوس كقوله :

أن يسأل الحق يعطى الحق سائله *** . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وههنا بحث وهو أن قوله { فمن شهد منكم الشهر فليصمه } جملة شرطية ، وما لم يوجد الشرط بتمامه لم يترتب عليه الجزاء ، والشهر عبارة عن زمان مخصوص من أوله إلى آخره ، فظاهر الآية يقتضي أن الصوم لا يجب عليه إلا عند شهود الجزء الأخير وهو محال لأنه يقتضي إيقاع الفعل في الزمان المنقضي . وأجيب بأن المراد من الشهر جزء من أجزائه وهذا مجاز مشهور ، والمعنى من شهد جزءاً من أجزاء الشهر فليصم كل الشهر . ثم إن كان هذا الجزء من أول الشهر كما لو شهد هلال رمضان فهذا موافق لما نقل عن علي كرم الله وجهه : أن من دخل عليه الشهر وهو مقيم ثم سافر وجب أن يصوم الكل . وأما سائر المجتهدين فيقولون : هذا عام يدخل فيه الحاضر والمسافر إلا أن قوله { ومن كان مريضاً أو على سفرٍ } يخصصه ، وإن كان في أثناء الشهر فيوافق قول أبي حنيفة : إن المجنون إذا أفاق في أثناء الشهر لزمه قضاء ما مضى . قلت : لا حاجة إلى ارتكاب التجوز المذكور وهو إطلاق لفظ الشهر على جزء من أجزائه ، ولا يلزم منه المحال المذكور إذ المراد من شهد الشهر أجمع فليكن بحيث قد وجد منه الصوم في جميع أيامه ، أو المراد من عزم على كونه مقيماً في الشهر فليصمه . ويعلم منه أنه إن كان حاضراً في بعضه يتعلق إيجاب الصوم بذلك البعض فقط بدليل قوله { ومن كان مريضاً أو على سفرٍ } فإنه لما علم الوجوب للحاضر في كله والرخصة للمسافر في كله علم الحكمان جميعاً للحاضر في بعضه والمسافر في البعض الآخر ، فكل يوم مستقل بنفسه فيما يقتضيه ، والصوم فيه عبادة مستقلة ، وكأن ما نقل عن علي كرم الله وجهه أمر إلزامي رعاية لحرمة الشهر كما لو أدركت الحائض من أول الوقت قدر ما يسع تلك الصلاة ، وفي قول قدر ركعة ، وفي قول قدر تكبيرة ، لزمها قضاؤها إذا طهرت . وأما أن شهر رمضان بم يثبت حتى يعتبر الشهود فيه فقد قال صلى الله عليه وسلم " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فاستكملوا العدة " يعني عدة شعبان ثلاثين يوماً . ومهما شهد عند القاضي عدل واحد أنه رأى الهلال ثبت لما روي عن عمر أنه رأى الهلال وحده فشهد عند النبي صلى الله عليه وسلم فأمر الناس بالصوم . ولما روي أن علياً عليه السلام شهد عنده رجل على رؤية هلال رمضان فصام وقال : صيام يوم من شعبان أحب إليّ من أن أفطر يوماً من رمضان ، وللاحتياط في أمر العبادة . ولا يثبت الهلال في سائر الشهور إلا برؤية عدلين ، وعند أبي حنيفة : يثبت هلال رمضان في الغيم بواحد وفي الصحو تعتبر الاستفاضة . وإذا رؤي في موضع شمل الحكم لمن هو على ما دون مسافة القصر منه ولا يجب الصوم بذلك على من عداهم . { يريد الله بكم اليسر } معناه في اللغة السهولة ومنه اليسار للغني لأنه يتسهل به الأمور وتتسنى المقاصد واليد اليسرى لبقائها على اليسر ، أو لأن الأمور تسهل بمعاونتها اليمنى والعسر نقيضه . وفي الصحاح : قال عيسى بن عمر : كل اسم على ثلاثة أحرف أوله مضموم وأوسطه ساكن فمن العرب من يثقله ومنهم من يخففه . أوجب الصوم على سبيل السهولة لأنه ما أوجب إلا في مدة قليلة من السنة ، ثم ذلك القليل ما أوجبه على المريض والمسافر وههنا يتحقق صدق قوله صلى الله عليه وسلم " بعثت بالحنيفية السهلة السمحة " ومن كمال رأفته تعالى أنه نفى الحرج أولاً ضمناً بقوله { يريد الله بكم اليسر } ثم نفاه صريحاً بقوله { ولا يريد بكم العسر } والظاهر أن الألف واللام في اليسر والعسر يفيد العموم ، فيمكن أن يستدل به على عدم وقوع التكليف بما لا يطاق . والمعتزلة تمسكوا بالآية أنه قد يقع من العبد ما لا يريد الله تعالى ، فإن المريض لو حمل نفسه على الصوم حتى أجهده فقد ما لم يرد الله منه إذ كان لا يريد العسر . وأجيب بأنا نحمل اللفظ على أنه تعالى لا يأمره بالعسر وإن كان قدير يدمنه العسر فإن الأمر عندنا قد يثبت بدون الإرادة . فكما أنه يجوز أن يأمر ولا يريد جاز أن يريد ولا يأمر . قوله { ولتكملوا } أجمعوا على أن الفعل المعلل محذوف فيه . فعن الفراء : التقدير ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون . شرع جملة ما ذكره وهو الأمر بصوم العدة وتعليم كيفية القضاء والرخصة في إباحة الفطر . وهذا نوع من اللف لطيف المسلك . فقوله { لتكملوا } علة الأمر بمراعاة العدة { ولتكبروا } علة ما علم من كيفية القضاء والخروج عن عهدة الفطر . { ولعلكم تشكرون } أي إرادة أن تشكروا علة الترخيص والتيسير . وعن الزجاج : أن المحذوف فعل أمر مقدر قبله كأنه قيل : لتعلموا ما تعملون ولتكملوا . والفرق أن حذف النون في الأول للنصب وفي هذا للجزم . ولا يخفى أن قوله { ولعلكم تشكرون } يبقى في هذا الوجه غير مرتبط بما قبله إلا أن يقال : إنه في قوة " ولتشكروا " . وفيه أيضاً بعد ويحتمل أن يقال { ولتكملوا } معطوف على اليسر كأنه قيل : يريد الله بكم اليسر ويريد بكم لتكملوا كقوله { يريدون ليطفئوا } [ الصف : 8 ] وإنما قيل { ولتكملوا العدة } ولم يقل " ولتكملوا الشهر " ليشمل عدة أيام الشهر وعدة أيام القضاء جميعاً . وعدى فعل التكبير بعلى لتضمين معنى الحمد أي ولتكبروا الله حامدين على ما هداكم . والمراد بالتكبير قيل : إنه تعظيم الله تعالى والثناء عليه شكراً على ما وفق لهذه الطاعة . وتمام هذا التكبير إنما يكون بالقول والاعتقاد والعمل . فالقول أن يقر بصفاته العلى وأسمائه الحسنى وينزهه عما يليق به من ند وصاحبة وولد وتشبيه بالخلق ، وكل ذلك لا يعتدّ به إلا مع الاعتقاد القلبي . وأما العمل فالتعبد بالأوامر والتبعد عن النواهي . وهذا لا يختص بوقت استكمال عدة رمضان ، ولكنه شامل لجميع الأحيان . وقيل : هو تكبير الفطر وإنه مشروع في العيدين لما روي أنه صلى الله عليه وسلم كان يخرج يوم الفطر والأضحى رافعاً صوته بالتهليل والتكبير حتى يأتي المصلى . وأوّل وقته في العيدين جميعاً غروب الشمس ليلة العيد . وعن أحمد ومالك أنه لا تكبير ليلة العيد وإنما يكبر في يومه . لنا قوله تعالى { ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم } قال الشافعي : سمعت من أرضى به من أهل العلم بالقرآن يقول { ولتكملوا العدة } أي عدة صوم رمضان { ولتكبروا الله } عند إكمالها ، وإكمالها بغروب الشمس آخر يوم من رمضان وأما آخر التكبير فأصح الأقوال أنهم يكبرون إلى أن يحرم الإمام بصلاة العيد ، لأن الكلام مباح إلى تلك الغاية والتكبير أولى ما يقع به الاشتغال . والمسنون في صيغته أن يكبر ثلاثاً نسقاً وبه قال مالك . وقال أحمد وأبو حنيفة : يكبر مرتين . لنا الرواية عن جابر وابن عباس . وأيضاً فإنه تكبير موضوع شعاراً للعيد فكان وتراً كتكبير الصلاة . قال الشافعي : وما زاد من ذكر الله فحسن . واستحسن في " الأم " أن تكون زيادته ما نقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه قاله على الصفا وهو : " الله أكبر كبيراً ، والحمد لله كثيراً ، وسبحان الله بكرة وأصيلاً ، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون . لا إله إلا الله وحده صدق وعده ونصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده فلا شيء بعده لا إله إلا الله والله أكبر " قال في الشامل : والذي يقوله الناس لا بأس به أيضاً وهو : الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، والله أكبر والله أكبر ولله الحمد . يرفع الناس أصواتهم بالتكبير ليلتي العيد في المنازل والمساجد والطرق والأسواق سفراً كانوا أو حاضرين في اليومين في طريق المصلي وبالمصلى إلى الغاية المذكورة سواء كان يصلي المكبر مع الإمام أو لا يصلي . ويستثني من ذلك الحاج فلا يكبر ليلة الأضحى . واختلف في أن التكبير في أي العيدين أوكد ، ففي القديم ليلة النحر لإجماع السلف عليها ، وفي الجديد ليلة الفطر لورود النص فيها .