فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ} (183)

{ يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون } .

{ يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام } قد تقدم معنى { كتب } ولا خلاف بين المسلمين أجمعين أن صوم رمضان فريضة افترضها الله سبحانه على هذه الأمة ، والصيام أصله في اللغة الإمساك وترك التنقل من حال إلى حال ، ويقال للصمت صوم ، لأنه إمساك عن الكلام ، ومنه { إني نذرت للرحمان صوما } أي إمساكا عن الكلام ، وهو في الشرع الإمساك عن المفطرات مع اقتران النية به من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ، وفي الآية توكيد للحكم وترغيب في الفعل وتطييب للنفس { كما كتب على الذين من قبلكم } من الأنبياء والأمم من لدن آدم إلى عهدكم والمعنى أن الصوم عبادة قديمة ما أخلى الله أمة من افتراضها عليهم ، لم يفرضها عليكم وحدكم .

واختلف المفسرون في وجه التشبيه ما هو ، فقيل هو قدر الصوم ووقته ، فإن الله كتب على اليهود والنصارى صوم رمضان فغيروا ، وقيل هو الوجوب فإن الله أوجب على الأمم الصيام ، وقيل هو الصفة أي ترك الأكل والشرب ونحوهما في وقت ، فعلى الأول معناه أن الله كتب على هذه الأمة صوم رمضان كما كتبه على الذين من قبلهم ، وعلى الثاني أن الله أوجب على هذه الأمة الصيام كما أوجبه على الذين من قبلهم ، وعلى الثالث أن الله أوجب على هذه الأمة الإمساك عن المفطرات كما أوجبه على الذين من قبلهم { لعلكم تتقون } المراد بالتقوى المحافظة عليها ، وقيل تتقون المعاصي بسبب هذه العبادة لأنها تكسر الشهوة وتضعف دواعي المعاصي كما ورد في الحديث أنه جنة وأنه وجاء{[165]} .


[165]:وتمام الحديث عن مسلم / 1400 يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء.