فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{يَوۡمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِۚ وَنَحۡشُرُ ٱلۡمُجۡرِمِينَ يَوۡمَئِذٖ زُرۡقٗا} (102)

{ يوم } أي اذكر يوم { ينفخ } قرئ بضم التحتية وبالنون مبنيا للفاعل ، وبفتح الياء على أن الفاعل هو الله أو إسرافيل { في الصور } بسكون الواو ، وقرئ بفتحها جمع صورة ، والأول أولى وهو قرن ينفخ فيه يدعى به الناس للمحشر ، والمراد بهذه النفخة الثانية لأنه أتبعه بقوله : { ونحشر المجرمين } المراد بهم المشركون والكافرون والعصاة المأخوذون بذنوبهم التي لم يغفرها الله لهم .

والمراد بقوله : { يومئذ } يوم النفخ في الصور { زرقا } أي زرق العيون مع سواد الوجوه ، والزرقة الخضرة في العين كعين السنور ، والعرب تتشاءم بزرقة العين لأن الروم كانوا أعدى أعدائهم وهم زرق ؛ والزراقة أسوأ ألوان العين ، وأبغضها إلى العرب ولذلك قالوا في صفة العدو : أسود الكبد أصهب السبال أزرق العين .

وقال الفراء : زرقا أي عميا ، وقال الأزهري : عطاشا ، وهو قول الزجاج لأن سواد العين يتغير بالعطش إلى الزرقة ، وقيل : إنه كناية عن الطمع الكاذب إذا تعقبته الخيبة ، وقيل هو كناية عن شخوص البصر من شدة الحرص ، والقول الأول أولى ، والجمع بين هذه الآية وبين قوله : ونحشرهم يوم القيامة على وجههم عميا وبكما وصما ما قيل من أن ليوم القيامة حالات ومواطن تختلف فيها صفاتهم ويتنوع عندها عذابهم ، قال ابن عباس : فيه حالات يكونون في حال زرقا ، وفي حال عميا .