فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{يَوۡمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِۚ وَنَحۡشُرُ ٱلۡمُجۡرِمِينَ يَوۡمَئِذٖ زُرۡقٗا} (102)

الظرفُ -وهو : { يَوْمَ يُنفَخُ }- متعلقٌ بمقدّر هو " اذكر " . وقيل : هو بدل من يوم القيامة ، والأوّل أولى . قرأ الجمهور : { ينفخ } بضم الياء التحتية مبنياً للمفعول ، وقرأ أبو عمرو وابن أبي إسحاق بالنون مبنياً للفاعل ، واستدلّ أبو عمرو على قراءته هذه بقوله : { ونحشر } فإنه بالنون ، وقرأ ابن هرمز : «ينفخ » بالتحتية مبنياً للفاعل على أن الفاعل هو الله سبحانه أو إسرافيل ، وقرأ أبو عياض : «في الصور » بفتح الواو جمع صورة ، وقرأ الباقون بسكون الواو . وقرأ طلحة بن مصرف والحسن : «يُحْشَرُ » بالياء التحتية مبنياً للمفعول ورفع { المجرمين } وهو خلاف رسم المصحف ، وقرأ الباقون بالنون . وقد سبق تفسير هذا في الأنعام . والمراد بالمجرمين : المشركون والعصاة المأخوذون بذنوبهم التي لم يغفرها الله لهم ، والمراد ب{ يَوْمَئِذٍ } : يوم النفخ في الصور . وانتصاب { زرقاً } على الحال من المجرمين ، أي زرق العيون ، والزرقة الخضرة في العين كعين السنور والعرب تتشاءم بزرقة العين ، وقال الفراء : { زرقاً } أي عمياء . وقال الأزهري : عطاشاً ، وهو قول الزجاج ، لأن سواد العين يتغير بالعطش إلى الزرقة . وقيل : إنه كني بقوله : { زرقاً } عن الطمع الكاذب إذا تعقبته الخيبة . وقيل : هو كناية عن شخوص البصر من شدّة [ الحرص ] ، ومنه قول الشاعر :

لقد زرقت عيناك يا بن معكبر *** كما كل ضبي من اللؤم أزرق

والقول الأوّل أولى ، والجمع بين هذه الآية وبين قوله : { وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ القيامة على وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمّا } [ الإسراء : 97 ] .

ما قيل من أن ليوم القيامة حالات ومواطن تختلف فيها صفاتهم ويتنوع عندها عذابهم .

/خ112