إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{يَوۡمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِۚ وَنَحۡشُرُ ٱلۡمُجۡرِمِينَ يَوۡمَئِذٖ زُرۡقٗا} (102)

{ يَوْمَ يُنفَخُ في الصور } بدلٌ من يوم القيامة أو منصوبٌ بإضمار اذكُر أو ظرفٌ لمضمر قد حُذف للإيذان بضيق العبارةِ عن حصره وبيانِه حسبما مر في تفسير قوله تعالى : { يَوْمَ يَجْمَعُ الله الرسل } وقوله تعالى : { يَوْمَ نَحْشُرُ المتقين إِلَى الرحمن وَفْداً } وقرئ ننفخ بالنون على إسناد النفخِ إلى الآمرِ به تعظيماً له ، وبالياء المفتوحة على أن ضميره لله عز وجل أو لإسرافيلَ عليه السلام وإن لم يجْرِ ذكرُه لشهرته { وَنَحْشُرُ المجرمين يَوْمِئِذٍ } أي يوم إذ يُنفخ في الصور ، وذكرُه صريحاً مع تعيّن أن الحشرَ لا يكون إلا يومئذ للتهويل ، وقرئ ويُحشَر المجرمون { زُرْقاً } أي حالَ كونهم زُرْقَ العيون وإنما جعلوا كذلك لأن الزُّرقةَ أسوأُ ألوانِ العين وأبغضُها إلى العرب فإن الرومَ الذين كانوا أعدى عدوِّهم زُرقٌ ، ولذلك قالوا في صفة العدو : أسودُ الكِبد وأصهبُ السِّبال وأزرقُ العين ، أو عُمياً لأن حدَقةَ الأعمى تزرقّ .