غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{يَوۡمَ نَطۡوِي ٱلسَّمَآءَ كَطَيِّ ٱلسِّجِلِّ لِلۡكُتُبِۚ كَمَا بَدَأۡنَآ أَوَّلَ خَلۡقٖ نُّعِيدُهُۥۚ وَعۡدًا عَلَيۡنَآۚ إِنَّا كُنَّا فَٰعِلِينَ} (104)

92

والسجل اسم للطومار الذي يكتب فيه . وعن ابن عباس أنه ملك يطوي كتب بني آدم إذا رفعت إليه وهو مروي أيضا عن علي رضي الله عنه . وروى أيضاً أبو الجوزاء عن ابن عباس أنه كاتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم وليس بمعروف . قال الزجاج : هو الرجل بلغة الحبش . فعلى هذه الوجوه فالطي وهو المصدر مضاف إلى الفاعل وعلى الوجه الأول هو مضاف إلى المفعول والفاعل محذوف كطي الطاوي للسجل وهو قول الأكثرين وإشتقاقه من السجل الدلو العظيم وقد قرئ به والتركيب يدل على الامتلاء والاجتماع ولهذا لا يسمى الدلو سجلاً إلا إذا كان فيه ماء ومنه " أسجلت الحوض ملأته " . وقوله { للكتاب } أي للكتابة ومعناه ليكتب فيه أو لما يكتب فيه لأن الكتاب أصله المصدر كالبناء ثم يوقع على المكتوب . ومن جمع فمعناه للمكتوبات أي ما يكتب فيه من المعاني الكثيرة ، وكيفية هذا الطي لا يعلمها إلا من أخبر عن ذلك أما قوله { كما بدأنا } فمن المفسرين من قال : إنه ابتداء كلام ومنهم من قال : إنه وصف قوله { هذا يومكم الذي كنتم توعدون } بقوله { يوم نطوي } ثم عقبه بوصف آخر فقال { كما بدأنا أول خلق } وهو مفعول نعيد الذي يفسره { نعيده } و " ما " كافة أي نعيد أول الخلق كما بدأناه تشبيهاً للإعادة بالابتداء في تناول القدرة لهما على السواء . فكما أوجده أولاً عن عدم يعيده ثانياً عن عدم . ومنهم من قال : الإعادة إنما تتعلق بالضم والتركيب بعد تفريق الأجزاء الأصلية والآية لا تطابقه كل المطابقة . وأول خلق كقولك " هو أول رجل " أي إذا فضلت رجلاً رجلاً فهو أولهم ، وإنما خص أول الخلائق بالذكر تصويراً للإيجاد عن العدم ودفعاً للاعتراض . وجوز جار الله أن تنتصب الكاف بفعل مضمر يفسره نعيده و " ما " موصولة أي نعيد مثل الذي بدأنا نعيده و{ أول خلق } ظرف { لبدأنا } أي أول ما خلق أو حال من ضمير الموصول الساقط من اللفظ وقوله { وعداً } مصدر مؤكد لأن قوله نعيد عدة للإعادة وقيل : أراد حتماً { علينا } لسبب الإخبار عن ذلك وتعلق العلم بوقوعه فإن وقوع ما علم الله وقوعه واجب ثم حقق ذلك بقوله { إنا كنا فاعلين } أي سنفعل ذلك لا محالة فإنا قادرون عليه . عن سعيد بن جبير ومجاهد والكلبي ومقاتل وابن زيد أن الزبور جنس للكتب المنزلة كلها .

/خ112