فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{يَوۡمَ نَطۡوِي ٱلسَّمَآءَ كَطَيِّ ٱلسِّجِلِّ لِلۡكُتُبِۚ كَمَا بَدَأۡنَآ أَوَّلَ خَلۡقٖ نُّعِيدُهُۥۚ وَعۡدًا عَلَيۡنَآۚ إِنَّا كُنَّا فَٰعِلِينَ} (104)

{ يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ { 104 ) } .

واذكر يوم يطوي الله الواحد القهار يطوي السماء كطي الصحيفة على ما فيها ؛ والسجل : الصك ، وهو اسم مشتق من السجالة وهي الكتابة ؛ وأصلها من السجل وهو الدلو ؛ تقول : ساجلت الرجل إذ نزعت دلوا ونزع دلوا ، ثم استعيرت فسميت المكاتبة والمراجعة مساجلة والطي في هذه الآية يحتمل معنيين : أحدهما الدرج الذي هو ضد النشر ، قال الله تعالى : { . . والسماوات مطويات بيمينه . . ){[2215]} ؛ والثاني الإخفاء والتعمية والمحو ؛ لأن الله تعالى يمحوا ويطمس رسومها ، ويكدر نجومها ؛ قال الله تعالى : { إذا الشمس كورت . وإذا النجوم انكدرت ){[2216]} ؛ { وإذا السماء كشطت ){[2217]}{[2218]} .

روى مسلم عن ابن عباس قال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بموعظة فقال : " يا أيها الناس إنكم تحشرون إلى الله حفاة عراة غرلا { . . كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين } . . " وذكر الحديث ؛ { وعدا } نصب على المصدر ؛ أي : وعدنا وعدا { علينا } إنجازه والوفاء به ، أي من البعث والإعادة ، ففي الكلام حذف ؛ ثم أكد ذلك بقوله جل ثناؤه : { إنا كنا فاعلين } . . . . . أي ما وعدناكم ، وهو كما قال : { . . كان وعد الله مفعولا ){[2219]} .


[2215]:سورة الزمر. من الآية 67
[2216]:سورة التكوير. الآيتان:1، 2.
[2217]:سورة التكوير. الآية 11.
[2218]:ما بين العارضتين من الجامع لأحكام القرآن.
[2219]:من سورة {المزمل). من الآية 18.