الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{يَوۡمَ نَطۡوِي ٱلسَّمَآءَ كَطَيِّ ٱلسِّجِلِّ لِلۡكُتُبِۚ كَمَا بَدَأۡنَآ أَوَّلَ خَلۡقٖ نُّعِيدُهُۥۚ وَعۡدًا عَلَيۡنَآۚ إِنَّا كُنَّا فَٰعِلِينَ} (104)

ثم قال تعالى : { يوم نطوي السماء كطي السجل } أي : لا يحزنهم الفزع الأكبر يوم نطوي السماء كطي السجل ، والسجل في قول عبد الله بن عمر ملك اسمه السجل قاله السدي{[46429]} .

والمعنى : نطوي السماء كما كما يطوي هذا الملك الكتاب .

وقال ابن عباس{[46430]} : هو رجل كان{[46431]} يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم .

وعن ابن عباس{[46432]} : أنه اسم الصحيفة التي يكتب فيها . والتقدير : كطي الصحيفة{[46433]} على الكتاب . وقاله : مجاهد ، وهو اختيار الطبري{[46434]} . قال : واللام بمعنى : ( على ) . والتقدير : نطوي السماء كما تطوى الصحيفة على ما فيها من الكتاب .

وقيل : التقدير : كطي الصحيفة من أجل ما كتب فيها . كما تقول : إنما{[46435]} أكرمك لفلان ، أي : من أجله{[46436]} .

ثم قال تعالى : { كما بدأنا أول خلق نعيده }[ 103 ] .

أي : نعيد الخلق حفاة غرلا يوم القيامة ، كما خلقناهم في بطون أمهاتهم . قاله{[46437]} مجاهد{[46438]} .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم لإحدى نسائه : " تأتون حفاة عراة غلفا ، فاستترت بكم ذرعا وقالت : واسوأتاه : قال ابن جريج{[46439]} أخبرت أنها عائشة . وقالت : يا نبي الله ، لا يحتشم{[46440]} الناس بعضهم من بعض . قال : { لكن امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه }{[46441]} .

وقال ابن عباس{[46442]} في معنى : { كما بدأنا أول خلق نعيده } قال : نهلك كل شيء كما / كان أول مرة .

وقيل : ذلك خلق السماء{[46443]} مرة أخرى بعد طيها وزوالها وإفنائها يعيدها في الآخرة كما بدأها في{[46444]} أول خلق فجعلها سماء قبل أن لم تكن{[46445]} سماء { وعدا علينا } أي : لا بد من كون ذلك ، إنه لا يخلف الميعاد .

وقال ابن مسعود{[46446]} : يرسل الله جل ذكره ماء من تحت العرش كمني الرجل ، فينبت منه لحياتهم وأجسامهم كما تنبت الأرض المرعى .

ثم قال تعالى : { وعدا علينا إنا كنا فاعلين }[ 103 ] .

أي : وعدا لا بد منه ، إنا كنا قادرين على ذلك ، فاستعدوا له وتأهبوا .


[46429]:انظر: جامع البيان 17/100 وزاد المسير 5/395 وتفسير القرطبي 11/347 والدر المنثور 4/340 وفتح القدير 3/432.
[46430]:انظر: جامع البيان 17/100 وزاد المسير 5/395. وقال عنه ابن كثير في تفسيره 3/200 (وقد صرح جماعة من الحفاظ بوضعه وإن كان في سنن أبي داود، منهم شيخنا الحافظ الكبير أبو الحجاج المزي).
[46431]:كان سقطت من ز.
[46432]:انظر: جامع البيان 17/100 وزاد المسير 5/395 وفتح القدير 3/432.
[46433]:ز: الصحيفة من أجل ما كتب فيها.
[46434]:انظر: جامع البيان 17/100.
[46435]:ز: أنا.
[46436]:ز: أجل فلان.
[46437]:ز: قال.
[46438]:انظر: جامع البيان 17/101 والدر المنثور 4/340.
[46439]:ز: ابن جبير. (تحريف).
[46440]:ز: لا يحشر. (تحريف).
[46441]:انظر: البخاري مع الفتح 11/377 (كتاب الرقاق) وابن ماجة 2/1429 (كتاب الزهد) ومسند أحمد 1/220-223.
[46442]:انظر: زاد المسير 5/396 وتفسير القرطبي 11/348 وتفسير ابن كثير 3/200 وفتح القدير 3/433.
[46443]:ز: الإنسان.
[46444]:في سقطت من ز.
[46445]:ز: أن يكون.
[46446]:القول لابن عباس في زاد المسير 5/396.