محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{يَوۡمَ نَطۡوِي ٱلسَّمَآءَ كَطَيِّ ٱلسِّجِلِّ لِلۡكُتُبِۚ كَمَا بَدَأۡنَآ أَوَّلَ خَلۡقٖ نُّعِيدُهُۥۚ وَعۡدًا عَلَيۡنَآۚ إِنَّا كُنَّا فَٰعِلِينَ} (104)

وقوله تعالى :{ يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاء } أي اذكره . أو ظرف ل { لا يخزيهم } أو ل { تتلقاهم } . والطي ضد النشر . وقوله : { كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ } أي كما يطوى السجل وهو الكتاب . واللام في { للكتب } لام التبيين . ولذلك قرئ ( الكتاب ) بالإفراد . أو بمعنى ( من ) وفيه قرب من الأول ، أو ( الكتب ) بمعنى المكتوب . أي كطي الصحيفة على مكتوبها . فاللام بمعنى ( على ) وهو ما اختاره ابن جرير .

تنبيه :

ما نقل عن ابن عباس أن السجل اسم رجل يكتب للنبي صلوات الله عليه ، كما رواه أبو داود والنسائي وغيرهما ، فأثر منكر لا يصح .

قال ابن كثير : وقد صرح بوضعه جماعة من الحفاظ ، وإن كان في ( سنن أبي داود ) . منهم شيخنا الحافظ أبو الحجاج المزي .

وكذلك تقدم في رده الإمام ابن جرير وقال : لا يعرف في الصحابة أحد اسمه السجل . وكتاب النبي صلوات الله عليه ، معروفون ، وليس فيهم أحد اسمه السجل .

وصدق رحمه الله في ذلك . وهو من أقوى الأدلة على نكارة هذا الحديث .

وأما من ذكره في أسماء الصحابة ، فإنما اعتمد على هذا الحديث . والصحيح عن ابن عباس أن السجل هي الصحيفة . انتهى .

وهذه الآية كآية : { وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه ، سبحانه وتعالى عما يشركون } وطي السماء كناية عن انكدار نجومها ، ومحو رسومها ، بفساد تركيبها واختلال نظامها . فلا يبقى أمر ما فيها من الكواكب على ما نراه اليوم . فيخرب العالم بأسره : { كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ } أي منجزين إياه .