غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَإِسۡمَٰعِيلَ وَإِدۡرِيسَ وَذَا ٱلۡكِفۡلِۖ كُلّٞ مِّنَ ٱلصَّـٰبِرِينَ} (85)

51

وحين ذكر صبر أيوب وانقطاعه إليه ذكر غيره من الأنبياء المشهورين بالصبر منهم إسماعيل عليه السلام ، صبر على الانقياد للذبح وعلى الإقامة بوادٍ لا زرع فيه ولا ضرع ، وصبر على بناء البيت ورفع قواعده ، فلا جرم أخرج الله ببركة ذلك من صلبه خاتم النبيين ، ومنهم إدريس وقد مر ذكره في سورة مريم . قال ابن عمر : بعث إلى قومه داعياً لهم إلى الله فأبوا فأهلكهم الله ورفع إدريس إلى السماء . ومنهم ذو الكفل قيل : هو زكريا وعلى هذا فقد تقدمت قصته أيضاً . وفي هذا القول نظر ، لأن قصة زكريا تجيء عن عقيب فيلزم التكرار . وقيل : هو إلياس وكان خمسة من الأنبياء ذوي اسمين : إسرائيل ويعقوب ، وإلياس وذو الكفل ، وعيسى والمسيح ، ويونس وذو النون ، ومحمد وأحمد . وقيل : يوشع بن نون سمي بذلك لأنه ذو الحظ من الله ديناً ودنيا ، أو لأنه كان له ضعف عمل الأنبياء في زمانه وضعف ثوابهم . وقال أبو موسى الأشعري ومجاهد : إنه لم يكن نبياً ولكن كان عبداً صالحاً ، وقال الحسن والأكثرون : إنه من الأنبياء وهذا أقرب لأنه معطوف عليهم معدود فيما بينهم . يروى عن ابن عباس أن اليسع أو نبياً آخر في بني إسرائيل قربت وفاته فأراد أن يستخلف رجلاً على الناس فقال : من يقبل مني خلافتي على أن يصلي بالليل ويصوم بالنهار ويقضي بين الناس فلا يغضب ؟ فقام رجل وقال : أنا أتكفل لك هذه الثلاثة فدفع إليه ملكه ووفى بما ضمن ، فحسده إبليس فأتاه وقت القيلولة فقال : إني لي غريماً قد ظلمني حقي وقد دعوته إليك فأبى فأرسل معي من يأتيك به ، فأرسل معه وقعد حتى فاتته القيلولة وعاد إلى صلاته وصلى ليله إلى الصباح ، ثم أتاه من الغد وقال مثل ذلك حتى شغله عن القيلولة وهكذا في اليوم الثالث . وقيل : إنه في اليوم الثالث قال للبواب : قد غلب عليّ النعاس فجاء إبليس فلم يأذن له البواب فدخل من كوة البيت ودق الباب من داخل ، فاستيقظ الرجل وعاتب البواب فقال : أما من قبلي فلم تؤت فقام إلى الباب ، فإذا هو مغلق وإبليس على صورة شيخ في البيت فقال له : أتنام والخصوم على الباب فعرفه وقال : إبليس ؟ قال : نعم . أعييتني في كل شيء فعلت هذه الأفعال لأغضبك فعصمك الله مني فسمي ذا الكفل لأنه قد وفى بالكفالة .

/خ91