غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَهُ ٱلۡحَمۡدُ فِي ٱلۡأٓخِرَةِۚ وَهُوَ ٱلۡحَكِيمُ ٱلۡخَبِيرُ} (1)

مقدمة السورة:

سورة سبأ وهي مكية حروفها ثلاثة ألاف وخمسمائة واثنا عشر كلمها ثمانمائة وثلاث وثمانون آياتها أربع وخمسون .

1

التفسير : قال في التفسير الكبير : السور المفتتحة بالحمد خمس : ثنتان في النصف الأول " الأنعام " و " الكهف " ، وثنتان في النصف الأخير هذه " والملائكة " والخامسة وهي " الفاتحة " تقرأ مع النصف الأول ومع النصف الأخير ، وذلك لأن المكلف له حالتان الإبداء والإعادة وفي كل حالة لله علينا نعمتان : نعمة الإيجاد ونعمة الإبقاء فأشار في أوّل " الأنعام " إلى نعمة الإيجاد الأول بدليل قوله تعالى { هو الذي خلقكم من طين } [ الآية : 2 ] وأشار في أوّل " الكهف " إلى إنزال الكتاب الذي به يتم نظام العالم ويحصل قوام معاش بني آدم ، وأشار في أوّل هذه السورة إلى نعمة الإيجاد الثاني بدليل قوله تعالى { وله الحمد في الآخرة } وأشار في أوّل سورة الملائكة غلى الإبقاء الأبدي بدليل قوله { جاعل الملائكة رسلاً } [ فاطر : 1 ] والملائكة بأجمعهم لا يكونون رسلاً إلا يوم القيامة يرسلهم الله مسلمين على المسلمين كقوله { وتتلقاهم الملائكة } [ الأنبياء : 103 ] وقال تعالى في تحتهم { سلام عليكم طبتم } [ الزمر : 73 ] وفاتحة الكتاب حيث تشتمل على نعمة الدنيا بقوله { الحمد لله رب العالمين } [ الفاتحة : 2 ] وعلى نعمة الآخرة بقوله { مالك يوم الدين } [ الفاتحة : 4 ] يقرأ في الافتتاح وفي الاختتام . واعلم أنه تعالى وصف نفسه في أول هذه السورة بأن له ما في السموات وما في الأرض إيذاناً بأنه كونه مالكاً لكل الأشياء يوجب كونه محموداً على كل لسان ، لأن الكل إذا كان له فكل من ينتفع بشيء من ذلك كان مستنفعاً بنعمه . ثم صرح بأن له الحمد في الآخرة تفضيلاً لنعم الآخرة على نعم الدنيا وإيذاناً بأنها هي النعمة الحقيقية التي يحق أن يحمد عليها ويثنى عليه ن أجلها مع إفادة الاختصاص بتقديم الظرف { وهو الحكيم } في الابتداء { الخبير } بالانتهاء .

/خ21