التفسير : ثم أشار إلى ما كانوا يتناجون به حيث يبيتون ما لا يرضى من القول . والنجوى سر بين اثنين وكذا النجو يقال : نجوته نجواَ أي ساررته وكذلك ناجيته . قال الفراء : قد تكون النجوى اسماً ومصدراً ، والآية وإن نزلت في مناجاة بعض قوم ذلك السارق بعضاً إلاّ أنها في المعنى عامة . والمراد أنه لا خير فيما يتناجى به الناس ويخوضون فيه من الحديث . { إلاّ من أمر بصدقة } وفي محل " من " وجوه مبنية على معنى النجوى . فإن كان النجوى السر جاز أن يكون " من " في موضع النصب لأنه استثناء الشيء من خلاف جنسه كقوله إلاّ أواريّ ومعناه لكن من أمر بصدقة ففي نجواه الخير ، أو في موضع الرفع كقوله : إلاّ اليعافير وإلاّ العيس . أبو عبيد جعل هذا من باب حذف المضاف معناه إلاّ نجوى من أمر على أنه مجرور بدل من كثير كما تقول : لا خير في قيامهم إلاّ قيام زيد أي في قيامه ، وعلى هذا يكون الاستثناء من جنسه . وإن كان النجوى بمعنى ذوي نجوى كقوله :{ وإذ هم نجوى }[ الإسراء :47 ] كان محله أيضاً مجروراً من { كثير } أو من نجوى كما لو قلت : لا خير في جماعة من القوم إلاّ زيد إن شئت أتبعت زيداً الجماعة وإن شئت أتبعته القوم . وإنما قال : { لا خير في كثير } مع أنه يصدق الحكم كلياً بدليل قوله صلى الله عليه وسلم : " كلام ابن آدم كله عليه لا له إلاّ ما كان من أمر بمعروف أو نهي عن منكر " أو ذكر الله استجلاباً للقلوب وليكون أدخل في الاعتراف به ، وليخرج عنه الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه .
واعلم أن قول الخير إما أن يتعلق بإيصال المنفعة أو بدفع المضرة ، والأول إن كان من الخيرات الجسمانية فهو الأمر بالصدقة ، وإن كان من الخيرات الروحانية بتكميل القوة النظرية أو العملية فهو الأمر بالمعروف . والثاني هو الإصلاح بين الناس فثبت أن الآية مشتملة على جوامع الخيرات ومكارم الأخلاق ، وهذه الأوامر وإن كانت مستحسنة في الظاهر إلاّ أنها لا تقع في حيّز القبول إلاّ إذا عمل صاحبها بما أمر كيلا يكون من زمرة { أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم }[ البقرة :44 ]{ لم تقولون ما لا تفعلون }[ الصف :1 ] وإلاّ إذا طلب بها وجه الله فلهذا قال : { ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجراً عظيماً } ويمكن أن يقال : إنّ معنى { ومن يفعل } الأمر والمراد ومن يأمر فعبر عن الأمر بالفعل لأنّ الأمر فعل من الأفعال . والمراد بقوله : { من أمر } من فعل لأنّ الأمر يلزمه الفعل غالباً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.